وتسعة عشر شهرا بالمدينة ، ثم عيرته اليهود فقالوا له : إنك تابع لقبلتنا فاغتم لذلك غما شديدا فلما كان في بعض الليل خرج صلىاللهعليهوآلهوسلم يقلب وجهه في آفاق السماء فلما أصبح صلى الغداة ، فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل عليهالسلام فقال له : « قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام الآية » ثم أخذ بيد النبي صلىاللهعليهوآله فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة ، وبلغ الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين فحولوا نحو الكعبة ، فكانت أول صلاتهم إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين (١) فقال المسلمون : صلاتنا إلى بيت ـ
__________________
وفي الكافي ج ٣ ص ٢٨٦ بسند حسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته هل كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يصلى إلى بيت المقدس؟ قال : نعم ، فقلت : أكان يجعل الكعبة خلف ظهره؟ قال : أما إذا كان بمكة فلا ، وأما إذا هاجر إلى المدينة فنعم حتى حول إلى الكعبة » واستشكل بان هذا لا يمكن الا إذا كان المصلى في الناحية الجنوبية وقد كان المسلمون يصلون في شعب أبى طالب ثلاث سنين وليس الشعب في الناحية الجنوبية وكذا دار خديجة فإنها في شرقي مكة ، وما في الكافي من أنه صلىاللهعليهوآله لم يجعل الكعبة خلفه فلا ينافي جعلها إلى أحد جوانبه.
وقول أمير المؤمنين عليهالسلام يوم الشورى وتصديقهم إياه ، حيث قال : « أمنكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا لا ، أمنكم أحد صلى القبلتين؟ قالوا : لا » يعطينا خبرا بأن القبلة في أول الأمر أعني قبل يوم الانذار الكعبة لان تصديق القوم باختصاصه (ع) بهذه الفضيلة مع أنهم اشتركوا معه في الصلاة إلى القبلتين بعد تحولها في المدينة وقبلة في مكة لا يستقيم وان قلنا بالتوجه إلى القبلتين معا في صلاة واحدة ، اللهم الا أن يكون القوم قطعوا بأن مراده (ع) التوجه أولا إلى الكعبة في السنين الثلاث التي لم يؤمر النبي صلىاللهعليهوآله بدعوة القوم وكان يصلى غالبا في الحرم إلى الكعبة ثم بعد تلك الثلاث إلى بيت المقدس ولا يشاركه في هذا الفضل أحد من القوم.
ثم إن ما في المتن كلام يشبه الحديث وليس بلفظه كما يفهم من قول المؤلف في آخره « قد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه » ونحوه في تفسير علي بن إبراهيم والنعماني.
(١) في الشمال الغربي قريب من مسجد الفتح.