فعل ذلك به رحمة لهذه الأمة لئلا يعير الرجل المسلم إذا هو نام عن صلاته أو سها فيها فيقال : قد أصاب ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله » (١).
قال مصنف هذا الكتاب رحمهالله : إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي صلىاللهعليهوآله ويقولون : لو جاز أن يسهو عليهالسلام في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لان الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة.
وهذا لا يلزمنا ، وذلك لان جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي صلىاللهعليهوآله فيها ما يقع على غيره ، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي ، وليس كل من سواه بنبي كهو ، فالحالة التي اختص بها هي النبوة والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة (٢) لأنها عبادة مخصوصة والصلاة عبادة مشتركة ، وبها (٣) تثبت له العبودية وبإثبات النوم له عن خدمة ربه عزوجل من غير إرادة له وقصد منه إليه نفي الربوبية عنه ، لان الذي لا تأخذه سنة ولا
__________________
الواردة فيه سهوه صلىاللهعليهوآله كثيرة من طرق العامة والخاصة. والمسألة معنونة بين القدماء كالمفيد والسيد المرتضى وغيرهم رضوان الله تعالى عليهم راجع تفصيل كلماتهم البحار ج ٦ ص ٢٩٧ و ٢٩٨ و ٢٩٩ من طبع الكمباني.
(١) من قوله : « وإنما فعل ذلك » إلى هنا يمكن أن يكون من تتمة الخبر ويمكن أن يكون من كلام المصنف ـ رحمهالله ـ أو أحد الرواة.
(٢) استشكل استاذنا الشعراني مد ظله على هذا الكلام وقال « جميع أعمال النبي صلىاللهعليهوآله تبليغ فجواز السهو عليه في أعماله مستلزم لجوز السهو عليه في التبليغ ولا يشك أحد في أنه لو صدر من النبي صلىاللهعليهوآله عمل مرة واحدة في عمره لدل صدور ذلك الفعل منه على جوازه كما تمسك المسلمون قاطبة في أمور كثيرة بعمل النبي صلىاللهعليهوآله ولو صدر منه مرة واحدة » أقول : إنما يتم هذا الاشكال إذا كان القائل بالاسهاء أو السهو يعتقد جواز السهو عليه مطلقا لا في موارد خاصة مع اعلامه بلا فصل فبعد أن أعلم ـ على فرض صحة الروايات ـ فلا مجال لهذا الاشكال. والصدوق ـ رحمهالله ـ لا يعتقد جواز السهو عليه مطلقا إنما قال : ان الله سبحانه وتعالى أسهاه في تلك الموار خاصة ليعلم للناس أنه بشر وليثبت له العبودية ، وإن كان ظاهر كلامه ينافي مذهبه في الاعتقاد بالعصمة بمعناها العام.
(٣) أي بهذه الصلاة التي وقع فيها السهو.