ناميا زرعها ، ناضرا عودها ، ممرعة آثارها ، جارية بالخير والخصب على أهلها ، تنعش بها الضعيف من عبادك (١) ، وتحيي بها الميت من بلادك ، وتنعم بها المبسوط من رزقك ، وتخرج بها المخزون من رحمتك ، وتعم بها من نأى من خلقك ، حتى يخصب لا مراعها المجدبون ، ويحيا ببركتها المسنتون ، وتترع بالقيعان غدرانها ، وتورق ذرى الأكمام زهراتها ، ويدهام بذرى الآكام شجرها (٢) وتستحق علينا بعد اليأس شكرا ، منة من مننك مجللة ، ونعمة من نعمك مفضلة ، على بريتك المرملة ، وبلادك المغربة وبهائمك المعملة ، ووحشك المهملة (٣). اللهم منك ارتجاؤنا ، وإليك مآبنا ، فلا تحبسه
__________________
وهو بالفتح معظم الماء. ومحفلة أي مالئا للحياض ، وحفل الوادي بالسيل جاء بملء جنبيه وحفل السماء : اشتد مطرها ( القاموس ) و « مفضلة » في بعض النسخ « مخضلة » أي مبتلة وأخضل الشئ بله ونداه.
(١) الخصب ـ بالكسر ـ : كثرة العشب وبلد خصيب ومخصب. وتنعش بها الضعيف أي تقيمه من صرعته وتنهضه من عثرته وتجبر فقره وضعفه.
(٢) المجدبون الذين أصابهم الجدب. والمسنتون ـ بتقديم النون ـ الذين أصابتهم شدة السنة. وتترع أي تملئ من قولهم ترع الاناء ـ كعلم ـ يترع ترعا : امتلأ. والقيعان جمع القاع وهي الأرض المطمئنة السهلة. والغدران ـ بالضم ثم السكون ـ جمع الغدير. وذرى الأكمام رؤوسها وهي جمع الكم ـ بالكسر ـ وهو وعاء الطلع وغطاء النور ـ بالفتح ـ. و « يدهام » بشد الميم أي يسود ، وروضة مدهام أي شديدة الخضرة المتناهية فيها. والآكام : الآجام. وفى بعض النسخ « الأكمام ».
(٣) « مجللة » بكسر اللام أي عامة ، في الصحاح جلل الشئ تجليلا أي عم والمجلل أي السحاب الذي يجلل الأرض بالمطر أي يعم متصلة. و « مفضلة » اسم مفعول من الافضال والمرملة الذين أصابتهم الحاجة والمسكنة وهو على صيغة اسم الفاعل. والمغربة ـ بالغين المعجمة والراء المهملة من الغروب بمعنى البعد والغيبة. وفى بعض النسخ « المعرنة » بالعين والراء المهملتين والنون ، بفتح الراء أو كسرها بعني البعيدة ، وفى بعضها « المعزبة » ـ بالعين المهملة والزاي ـ والعازب : الكلاء البعيد ، وفى القاموس أعزب بعد وأبعد. والمعملة اسم مفعول من الأعمال لان الناس يستعملونها في أعمالهم. والمهملة التي لا راعى لها ولا صاحب ولا مشفق.