فيما سأله أن قال : لأي شئ أمر الله تعالى بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر بالغسل من الغائط والبول؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن آدم لما أكل من الشجرة دب ذلك في عروقه وشعره وبشره فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة في جسده ، فأوجب الله عزوجل على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة ، والبول يخرج من فضلة الشراب الذي يشربه الانسان ، والغائط يخرج من فضلة الطعام الذي يأكله الانسان فعليه من ذلك الوضوء ، قال اليهودي : صدقت يا محمد » (١).
١٧١ ـ وكتب الرضا عليهالسلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله : « علة غسل الجنابة النظافة لتطهير الانسان مما أصاب من إذا (٢) وتطهير سائر جسده لان الجنابة خارجة من كل جسده ، فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله ، وعلة التخفيف في البول والغائط أنه أكثر وأدوم (٣) من الجنابة ، فرضي فيه (٤) بالوضوء لكثرته ومشقته ومجيئه بغير إرادة منه ولا شهوة ، والجنابة لا تكون إلا بالاستلذاذ
__________________
(١) ظاهر هذا الخبر والذي بعده وجوب الوضوء والغسل لنفسهما كما يظهر من أخبار أخر وان أمكن حمل الوجوب على السببية لكن الظاهر الأول والخبر الذي تقدم في الوضوء يدل على الوجوب لنفسه بخلاف خبر محمد بن سنان في الوضوء فان ظاهره الوجوب للصلاة وبالجملة يظهر من بعض الأخبار وظاهر الآية الوجوب لغيره ومن بعضها الوجوب لنفسه ، ولا منافاة بين أن يكون واجبا لنفسه وباعتبار اشتراط الصلاة به يكون واجبا لغيره ، والاحتياط في الغسل قبل الوقت إذا لم يكن مشغول الذمة أن ينوى القربة به من الوجوب والندب و إن كان الأظهر الاكتفاء بها مطلقا ، لكنه يحتاط فيما كان الوجه معلوما بنيتها وفيما لم يكن معلوما الاحتياط في العدم. وان أراد الخروج من الخلاف ينبغي أن يعلق نيته بصلاة بالنذر و شبهه حتى ينوى جزما (م ت).
(٢) أي أذى الجنابة وتذكير الضمير بتأويل ما يوجب الغسل.
(٣) قوله : « أدوم » عطف تفسيري للأكثر.
(٤) الضمير راجع إلى كل من البول والغائط.