١٧٧ ـ وقال رجل للصادق عليهالسلام : « إن لي جيرانا ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن فقال له الصادق عليهالسلام : لا تفعل ، فقال : والله ما هو شئ آتيه برجلي إنما هو سماع أسمعه بأذني (١) ، فقال الصادق عليهالسلام : تا لله أنت (٢) أما سمعت الله عزوجل يقول : « إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا » فقال الرجل : كأنني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله عزوجل من عربي ولا عجمي ، لا جرم أني قد تركتها ، وأنا أستغفر الله تعالى ، فقال له الصادق عليهالسلام : قم فاغتسل وصل ما بدا لك (٣) ، فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك! استغفر الله تعالى واسأله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره إلا القبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا » (٤).
__________________
وقت الحاجة والأصل عدم علم المخاطبين بما يغنيهم عن البيان لكنهم رضياللهعنهم يخصصون ذلك بصلاة خاصة للاستخارة.
(١) أي لم أقصد بدخول المخرج استماع الغناء ليكون الاتيان حراما بل الدخول لقضاء الحاجة ، وبعد ما دخلت اتفق السماع.
(٢) في بعض النسخ « تالله تب » وفى بعضها « بالله أنت ». وقوله : « تالله أنت » الظاهر أن « أنت » مبتدأ خبره محذوف ، ويمكن أن يكون تقول قولا عجيبا.
(٣) أي ما ظهر لك أنه ينبغي أن تصلى وحاصله أي صلاة تريد. وسمعت شيخنا ـ رحمهالله ـ يقول : ان أصحابنا ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ استدلوا بهذا الحديث على استحباب غسل التوبة وهو كما يدل على ذلك يدل على استحباب الصلاة لها ، والعجب أن أحدا منهم لم يعد تلك الصلاة من أقسام الصلاة المندوبة ، ويمكن أن يقال : قوله عليه السلام « ما بدا لك » يدل على الاتيان بالصلاة أي صلاة كانت لأنها تذهب السيئة وذلك يشمل الصلاة الموظفة فلم يدل على استحباب صلاة لأجل التوبة بخلاف الغسل إذ ليس له فرد موظف في كل يوم ليكتفي به ( مراد ).
(٤) لا خلاف في حرمة الغناء للاخبار الكثيرة وربما يفهم من هذا الخبر أنها كبيرة للامر بالتوبة بناء على أن الصغائر مكفرة لا يحتاج إليها وفيه أن الاجتناب من الكبائر مكفرة للصغائر لا مطلقا. (م ت)