عن درجة الاعتبار.
وقد خطر بخاطر هذا القليل البضاعة ، المجهد نفسه لإيضاح هذه الصناعة ، أنّه إن حصل لي طريق يكون لطريقة الشيخ رحمهالله مقوّياً ، وقرينة للمتأخرين والاعتبار ، لكانت تلك الأحاديث الغير المعتبرة من هذين الكتابين معتبرة ، ولمن أراد الاطلاع على طرق هذين الكتابين منهلاً (مروية) (١).
وكنت أفتكر برهة من الزمان في هذا الأمر ، متضرعاً إلى الله سبحانه ، ومستمداً من هداياته ، وألطافه التي وعدها المتوسلين إلى جنابه بقوله : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٢) إلى أن القي في روعي أن أنظر في أسانيد التهذيب والاستبصار ، لعلّ الله تعالى يفتح إلى ذلك باباً ، فلمّا رجعت إليهما ، فتح الله لي أبوابها ، فوجدت لكلّ من الأُصول والكتب طرقاً كثيرة ، غير مذكورة فيهما ، أكثرها موصوفة بالصحة والاعتبار ، فأردت أن أجمعها للطالبين للهداية والاستبصار ، وليكون عوناً وردءً للناظرين في الأخبار مدى الأعصار ، ثم إني اكتفيت في جمعها لاطمئنان القلب ، وحصول الجزم للناظر إليها ، على ضبط قدر قليل منها ، لأنّ المنظور فيما نحن فيه الاختصار ، فنظرت أوّلاً إلى الفهرست ، والمشيخة ، فكتبت :
الطريق الذي يحكم من غير خلاف بصحّته.
والطريق الذي يحكم من غير خلاف بضعفه.
وفي الطريق الذي كان خلافياً ، ولم أقدر على ترجيحه ، كتبت اسم
__________________
(١) مروية : كذا في الأصل والحجرية والمصدر ، والظاهر : مروياً ، صفة للمنهل واحد المناهل ، وهو موضع الشرب ، لسان العرب ١١ : ٦٨٠ ، نهل.
(٢) العنكبوت : ٢٩ / ٦٩.