.................................................................................................
______________________________________________________
قال ابن إدريس : هذا قول الشافعي واختاره شيخنا ، ثمَّ استدل بما يضحك الثكلى ، فقال : دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم؟! يا سبحان الله من اجمع معه على ذلك ، وأيّ أخبار لهم فيه ، وانما أجمعنا في الاذن لأمور أحدهما انها ميتة لا يجوز له الصلاة بها ، لأنه حامل نجاسة ، فيجب إزالتها ، والثاني إجماعنا على ذلك وتواتر أخبارنا ، فمن عدّاه الى غيرها فقد قاس ، والقياس عندنا باطل ، وأيضا فالسن هبة مجددة من الله تعالى خلقه ، ليست هي تلك المقلوعة نفسها ، وكيف تقلع ابدا ، وهذا منه إغفال في التصنيف ، فإنه قد رجع عن ذلك في مبسوطه (١).
قال العلّامة : وهذا جهل من ابن إدريس وقلة تأمل ، وعدم تحصيل ، وذلك لقصور قوته المميزة ، وشدة جرأته على شيخنا رحمه الله ، وكثرة سلاطته ، وسوء أدبه ، مع قصوره ان يكون أقل تلامذة شيخنا رحمه الله ، وقوله : (انّ شيخنا رجع عن ذلك في مبسوطه) افتراء عليه ، فانّ الشيخ نقل عمن تقدمه ثلاثة أقوال : أحدها انّ له قلعها أبدا ، لأنه أعدم سن المجني عليه ، فله قلعها ابدا حتى يعدم إنباتها ، ثمَّ قال : وهو الذي يقتضيه مذهبنا ، وقال اخرون : ليس له قلعها ولا دية ، وقال اخرون : له الدية دون القلع ثانيا. وهذا لا رجوع فيه عما قاله في الخلاف ، بل فيه تقوية لما اختاره في الخلاف ، حيث قال : وهو الذي يقتضيه مذهبنا ، وأي استبعاد في ذلك ، فإنّ الجناية توجب القصاص ، وهو المماثلة ، فكما أعدم سن المجني عليه كذا يجب ان يعدم سن الجاني (٢).
__________________
(١) السرائر ، باب ديات الأعضاء والجوارح ص ٤٣٢ س ٢٧ قال : وهذا قول الشافعي إلى قوله : قد رجع عن ذلك في مبسوطه.
(٢) المختلف ج ٢ في ديات الأعضاء ص ٢٥٤ س ٢٤ قال : وهذا جهل من ابن إدريس إلى قوله : كذا يجب ان يعدم سن الجاني.