فإن قيل : كيف صحّ أن يشار لاثنين أحدهما مؤنث ، والآخر مذكر باسم إشارة المؤنث ، ولو قلت : تلك هند وزيد لم يجز؟
فالجواب من ثلاثة أوجه :
أحدها : (أن المراد بالكتاب) (١) هو الآيات ، لأن الكتاب عبارة عن آيات مجموعة ، فلما كانا شيئا واحدا ، صحت الإشارة إليهما بإشارة الواحد المؤنث.
الثاني : أنه على حذف مضاف ، أي : وآيات كتاب مبين.
الثالث : أنه لما ولي المؤنث ما يصح الإشارة به إليه ، اكتفي به وحسن ، ولو أولي المذكر لم يحسن ، ألا تراك (٢) تقول : جاءتني هند وزيد ، ولو حذفت (هند) أو أخّرتها لم يجز تأنيث الفعل (٣).
قوله : (هُدىً وَبُشْرى) يجوز فيهما أوجه :
أحدها : أن يكونا منصوبين على المصدر (٤) بفعل مقدر من لفظهما ، أي : يهدي هدى ، ويبشر بشرى (٥).
الثاني : أن يكونا في موضع الحال من «آيات» والعامل (٦) فيها ما في «تلك» من معنى الإشارة (٧).
الثالث : أن يكونا في موضع الحال من «القرآن» وفيه ضعف ، من حيث كونه مضافا إليه(٨).
الرابع : أن يكونا (٩) حالا من «كتاب» ، في قراءة من رفعه ، ويضعف في قراءة من جره ، لما تقدم من كونه (١٠) في حكم المضاف إليه ، لعطفه عليه (١١).
الخامس : أنّهما حالان من الضمير المستتر في «مبين» سواء رفعته (أم جررته (١٢)) (١٣).
السادس : أن يكونا بدلين من «آيات» (١٤).
السابع : أن يكونا خبرا بعد خبر (١٥).
__________________
(١) ما بين القوسين في ب : المراد به الكتاب.
(٢) في ب : ألا ترى أنك.
(٣) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٣.
(٤) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٣.
(٥) في ب : أي : هدى وبشرى بشرى.
(٦) في ب : فالعامل.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ١٣٢ ، التبيان ٢ / ١٠٠٣.
(٨) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٣.
(٩) في النسختين : يكون. والصواب ما أثبته.
(١٠) من كونه : سقط من ب.
(١١) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٣.
(١٢) المرجع السابق.
(١٣) ما بين القوسين في ب : أم جرته. وهو تحريف.
(١٤) انظر الكشاف ٣ / ١٣٢.
(١٥) المرجع السابق ، البيان ٢ / ٢١٨ ، التبيان ٢ / ١٠٠٣.