وجوّز أبو البقاء أيضا أن تكون صفة ل «آيات» ، وقدّره : واصلة إلى فرعون (١) ، وفيه ما تقدم.
قوله : «مبصرة» حال ، ونسب الإبصار إليها مجازا ، لأن بها يبصر (٢) ، وقيل : بل هي من أبصر المنقولة بالهمزة من بصر ، أي : أنها (٣) تبصر غيرها لما فيها من الظهور ، ولكنه مجاز آخر غير الأول ، وقيل : هو (٤) بمعنى مفعول ، نحو (ماءٍ دافِقٍ) أي : مدفوق (٥).
وقرأ عليّ بن الحسين وقتادة بفتح الميم والصاد (٦) ، أي : على وزن أرض مسبعة ، ذات سباع (٧) ، ونصبها على الحال (٨) أيضا ، وجعلها أبو البقاء في هذه القراءة مفعولا من أجله (٩) ، وقد تقدم ذلك. ومعنى «مبصرة» : بينة واضحة.
(قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) ظاهر.
قوله (١٠) : (وَجَحَدُوا بِها) أي : أنكروا الآيات ، ولم يقروا أنها من عند الله (١١).
قوله : (وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) يجوز أن تكون هذه الجملة معطوفة على الجملة قبلها ، ويجوز أن تكون حالا من فاعل «جحدوا» (١٢) ، وهو أبلغ في الذم ، واستفعل هنا بمعنى «تفعّل» ، نحو : استعظم واستكبر ، والمعنى : أنهم علموا أنها من عند الله ، وفائدة ذكر الأنفس أنهم جحدوا بألسنتهم (١٣) واستيقنوها في قلوبهم وضمائرهم ، والاستيقان أبلغ من الإيقان (١٤).
قوله : (ظُلْماً وَعُلُوًّا) يجوز أن يكونا في موضع الحال ، أي : ظالمين عالين ، وأن يكونا مفعولا من أجلهما (١٥) ، أي : الحامل على ذلك الظلم والعلو.
وقرأ عبد الله وابن وثاب والأعمش وطلحة : «وعليّا» بكسر العين واللام وقلب الواو
__________________
(١) قال أبو البقاء : (ويجوز أن يكون صفة ل «تسع» أو ل «آيات» ، أي : واصلة إلى فرعون) التبيان ٢ / ١٠٠٥.
(٢) وهذا مجاز عقلي لأنه من إسناد الفعل لغير ما هو له.
(٣) في ب : بأنها.
(٤) هو : سقط من ب.
(٥) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٨.
(٦) المحتسب ٢ / ١٣٦ ، الكشاف ٣ / ١٣٥ ، البحر المحيط ٧ / ٥٨.
(٧) وجعلها الزمخشري مكانا تكثر فيها التبصرة. الكشاف ٣ / ١٣٥.
(٨) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٨.
(٩) قال أبو البقاء : (ويقرأ بفتح الميم والصاد ، وهو مصدر مفعول له ، أي : تبصرة) التبيان ٢ / ١٠٠٦.
(١٠) قوله : سقط من ب.
(١١) انظر البغوي ٦ / ٢٦٣.
(١٢) قال الزمخشري : (الواو في «واستيقنتها» واو الحال وقد بعدها مضمرة) الكشاف ٣ / ١٣٥.
(١٣) في ب : بأنفسهم.
(١٤) انظر الكشاف ٣ / ١٣٥ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٨٤.
(١٥) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٦.