قوله : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) يجوز أن يكون معطوفا على «تملكهم» ، وجاز عطف الماضي على المضارع ، (لأن المضارع) (١) بمعناه ، أي : ملكتهم ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال من مرفوع «تملكهم». و «قد» معها مضمرة (٢) عند من يرى ذلك.
وقوله : (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) عام مخصوص بالعقل ؛ لأنها لم تؤت ما أوتيه سليمان. قوله : (وَلَها عَرْشٌ) يجوز أن تكون هذه جملة مستقلة بنفسها سيقت للإخبار بها ، وأن تكون معطوفة على «أوتيت» ، وأن تكون حالا من مرفوع «أوتيت» ، والأحسن أن يجعل الحال الجارّ ، «وعرش» مرفوع به ، وبعضهم يقف على «عرش» ويقطعه عن نعته. قال الزمخشري : ومن نوكى (٣) القصّاص من يقف على قوله : (وَلَها عَرْشٌ) ، ثم يبتدىء : (عَظِيمٌ وَجَدْتُها) ، يريد : أمر عظيم أن وجدتها ، فرّ من استعظام الهدهد عرشها ، فوقع في عظيم ، وهي مسخ كتاب الله (٤).
قال شهاب الدين : النّوكى : الحمقى جمع أنوك وهذا الذي ذكره من أمر الوقف نقله الدّاني (٥) عن نافع (٦) وقرره أبو بكر بن الأنباري ورفعه إلى بعض أهل العلم (٧) ، فلا ينبغي أن يقال (نوكى القصّاص) ، وخرجه الداني على أن يكون «عظيم» مبتدأ ، و «وجدتها» الخبر (٨) ، وهذا خطأ ، كيف يبتدىء بنكرة من غير مسوّغ ، ويخبر عنها بجملة لا رابط بينها وبينه ، والإعراب ما قاله الزمخشري من أن عظيما (٩) صفة لمحذوف خبرا مقدما ، و «وجدتها» مبتدأ مؤخرا مقدرا معه حرف مصدري أي: أمر عظيم وجداني إياها وقومها غير عابدي الله (١٠).
قوله : «وجدتها» ، هي التي بمعنى (١١) لقيت وأصبت ، فيتعدى لواحد ، فيكون «يسجدون» حالا من مفعولها وما عطف عليه ، فإن قيل : كيف استعظم الهدهد عرشها مع ما كان يرى من ملك سليمان ، وأيضا : فكيف سوّى بين عرش بلقيس وعرش الله في الوصف بالعظم؟.
فالجواب عن الأول : يجوز أن يستصغر حالها إلى حال سليمان ، فاستعظم لها (١٢) ذلك العرش ويجوز أن يكون لسليمان ـ مع جلالته ـ مثله كما قد يكون لبعض الأمراء شيء لا يكون مثله للسلطان.
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من ب.
(٢) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٧.
(٣) النوكى : الحمقى. اللسان (نوك.
(٤) الكشاف ٣ / ١٤٠.
(٥) في ب : الثاني. وهو تحريف.
(٦) انظر المكتفى في الوقف والابتدا (٤٢٧).
(٧) انظر إيضاح الوقف والابتداء ٢ / ٨١٥ ـ ٨١٦.
(٨) انظر المكتفى في الوقف والابتداء (٤٢٨) وفيه : قال المقرىء أبو عمرو : فيرتفع قوله : «عظيم» على هذا المذهب بالابتداء ، والخبر في قوله «وجدتها».
(٩) في ب : عظيم.
(١٠) الدر المصون ٥ / ١٨٧ ، وانظر الكشاف ٣ / ١٤٠.
(١١) بمعنى : سقط من ب.
(١٢) لها : سقط من ب.