الجمع ـ لأنه قال : (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ) [النمل : ٢٤] والمعنى : فألقه إلى الذين هذا دينهم (١).
قوله : (ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) ، زعم أبو علي وغيره أن في الكلام تقديما ، وأن الأصل : فانظر ماذا يرجعون ، ثم تول عنهم (٢). ولا حاجة إلى هذا ، لأن المعنى بدونه صحيح ، أي : قف قريبا منهم(٣) لتنظر (٤) ماذا يكون (٥).
قوله : (ما ذا يَرْجِعُونَ) إن جعلنا (انظر) بمعنى : تأمل وتفكر كانت «ما» استفهامية ، وفيها حينئذ وجهان :
أحدهما : أن يجعل مع «ذا» بمنزلة اسم واحد ، وتكون مفعولة ب «يرجعون» تقديره : أي شيء ترجعون.
والثاني : أن يجعل «ما» مبتدأ ، و «ذا» بمعنى الذي ، و «يرجعون» صلتها ، وعائدها محذوف تقديره : أي شيء الذي يرجعونه ، وهذا الموصول هو خبر ما الاستفهامية ، وعلى التقديرين فالجملة الاستفهامية معلّقة ل «انظر» ، فمحلّها النصب على إسقاط الخافض أي : انظر في كذا وفكر فيه وإن جعلناه بمعنى انتظر من قوله (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) [الحديد : ١٣] كانت «ماذا» بمعنى الذي ، (و «يرجعون» صلتها وعائدها محذوف) (٦) ، والعائد مقدّر كما تقرر وهذا الموصول مفعول به ، أي : انتظر الذي يرجعون. قال (٧) أبو حيان : و «ماذا» (٨) إن كان معنى (٩) «فانظر» معنى التأمل بالفكر كان انظر معلقا ، و «ماذا» إما (١٠) أن يكون كلمة (١١) استفهام في موضع نصب ، وإما أن يكون «ما» استفهاما ، و «ذا» موصولة بمعنى الذي ، فعلى الأول يكون «يرجعون» خبرا عن «ماذا» ، وعلى الثاني يكون «ذا» هو الخبر ، و «يرجعون» صلة (١٢) انتهى.
وهذا غلط إما من الكاتب ، وإما من غيره ؛ وذلك أن قوله : «فعلى الأول» يعني به أن «ماذا» كلمة (١٣) استفهام في موضع (١٤) نصب يمنع قوله : «يرجعون» خبرا (١٥) عن «ماذا» ، كيف يكون خبرا عنه وهو منصوب به كما تقرر ، وقد صرّح هو بأنه منصوب يعني
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٩٣.
(٢) نقله أبو حيان عن ابن زيد وأبي علي. انظر البحر المحيط ٧ / ٧٠.
(٣) منهم : سقط من ب.
(٤) في ب : انتظر.
(٥) انظر البحر المحيط ٧ / ٧٠.
(٦) ما بين القوسين في ب : و «يرجعون» صلة.
(٧) في ب : وقال.
(٨) في ب : وما. وهو تحريف.
(٩) في ب : بمعنى.
(١٠) إما : سقط من ب.
(١١) في الأصل : كله.
(١٢) البحر المحيط ٧ / ٧٠ ـ ٧١.
(١٣) في الأصل : كله.
(١٤) في ب : محل.
(١٥) في ب : بهمز. وهو تحريف.