«صالحا» أي : وأرسلنا لوطا (١) ، وإمّا عطفا على (الَّذِينَ آمَنُوا) ، أي : وأنجينا لوطا (٢) ، وإمّا «باذكر» مضمرة (٣) ، و (إِذْ قالَ) : بدل اشتمال من «لوطا» (٤) ، وتقدّم نظيره في مريم (٥) وغيرها.
(أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) استفهام على وجه الإنكار ، والتوبيخ بمثل هذا اللفظ أبلغ ، و «الفاحشة» : الفعلة القبيحة.
قوله : (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) جملة حالية من فاعل «تأتون» أو من «الفاحشة» ، والعائد محذوف ، أي : وأنتم تبصرونها لستم عميا عنها جاهلين بها ، وهو أشنع. وقيل : المعنى يرى بعضكم بعضا ، وكانوا لا يستترون ، عتوّا منهم (٦). فإن قيل : إذا فسرت «تبصرون» بالعلم ، وبعده : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) فكيف يكون علما جهلا؟ فالجواب :
تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمكم بذلك ، أو تجهلون العاقبة ، أو أراد بالجهل : السفاهة والمجانة التي كانوا عليها (٧).
قوله : «شهوة» : مفعول من أجله (٨) ، أو في موضع الحال ، وقد تقدّم (٩).
قوله : فما كان جواب قومه : خبر مقدم ، و (إِلَّا أَنْ قالُوا) في موضع الاسم. وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق برفعه اسما ، و (إِلَّا أَنْ قالُوا) خبر (١٠) وهو ضعيف ، لما تقدّم تقريره (١١). وتقدّم قراءتا «قدّرنا» تشديدا وتخفيفا (١٢) ، والمخصوص بالذم محذوف في قوله : (فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) أي : مطرهم (١٣).
فصل
لما بيّن تعالى جهلهم ، بيّن أنهم أجابوا بما لا يصلح أن يكون جوابا ، فقال :
__________________
(١) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٥٣ ، الكشاف ٣ / ١٤٧ ، البيان ٢ / ٢٢٥ ، البحر المحيط ٧ / ٨٦.
(٢) انظر البحر المحيط ٧ / ٨٦.
(٣) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٥٣ ، الكشاف ٣ / ١٤٧ ، البيان ٢ / ٢٢٥ ، البحر المحيط ٧ / ٨٦.
(٤) انظر الكشاف ٣ / ١٤٧.
(٥) عند قوله تعالى : «ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا»[مريم : ٢ ، ٣].
(٦) انظر الكشاف ٣ / ١٤٧.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ١٤٧ ، الفخر الرازي ٢٤ / ٢٠٤.
(٨) انظر البحر المحيط ٧ / ٨٦.
(٩) عند قوله تعالى : «إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ» [الأعراف : ٨١].
(١٠) المحتسب (١٤١) ، البحر المحيط ٧ / ٨٦.
(١١) وذلك أن علة الضعف فيه أن قوله : «أَنْ قالُوا» يشبه المضمر في أنه لا يوصف والمضمر أعرف من هذا المظهر.
(١٢) بالتخفيف قرأ أبو بكر عن عاصم ، والباقون بالتشديد. السبعة (٤٨٤) ، الإتحاف ٣٣٨.
(١٣) انظر البحر المحيط ٧ / ٨٧. وفي ب : أمطرهم.