فيه إسرافيل ، فإذا سمع الناس ذلك الصوت يصيحون ثم يموتون ، وهذا قول الأكثرين (١). وقال الحسن : الصور هو الصور (٢) ، وأول بعضهم كلامه أن الأرواح تجتمع في القرن ثم ينفخ فيه فتذهب الأرواح إلى الأجساد ، فتحيا الأجساد (٣). قوله (٤) : (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) قال : «ففزع» بلفظ الماضي ولم يقل (٥) فيفزع لتحققه وثبوته وأنه كائن لا محالة ، لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل ، كقوله : (أَتى أَمْرُ اللهِ)(٦) [النحل : ١]. والمعنى : يلقى عليهم الفزع إلى أن يموتوا ، قيل : ينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات : نفخة الفزع ، ونفخة الصعق ، ونفخة القيام لرب العالمين(٧).
قوله : (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) فالمراد إلا من ثبّت الله قلبه من الملائكة ، قالوا : وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت (٨) ، وجاء في الحديث : أنهم الشهداء متقلدون أسيافهم حول العرش (٩) ، قال سعيد بن جبير وعطاء عن ابن عباس هم الشهداء ، لأنهم (١٠) أحياء عند ربهم (١١). وعن الضحاك : هم رضوان والحور وخزنة النار وحملة العرش (١٢). و (كُلٌّ أَتَوْهُ) أي الذين أحيوا بعد الموت. قوله : «أتوه» قرأ حمزة وحفص : «أتوه» فعلا ماضيا ومفعوله الهاء ، والباقون : «آتوه» : اسم فاعل مضافا للهاء (١٣) ، وهذا حمل على معنى «كلّ» وهي مضافة تقديرا ، أي : وكلهم. وقرأ قتادة : «أتاه» ماضيا مسندا لضمير «كلّ» على اللفظ ، ثم حمل على معناها ، فقرأ «داخرين»(١٤) ، والحسن (١٥) والأعرج «دخرين» بغير ألف (١٦) أي : صاغرين.
قوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ)(٨٨)
قوله (١٧) : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً) هذه العلامة الثالثة لقيام القيامة ، وهي
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٢٠.
(٢) انظر البغوي ٦ / ٣١١.
(٣) انظر البغوي ٦ / ٣١١.
(٤) قوله : سقط من ب.
(٥) يقل : سقط من ب.
(٦) [النحل : ١]. ووجه الاستشهاد بالآية أنه أمر متحقق الوقوع في المستقبل فصار كأنه قد كان. وانظر البحر المحيط ٧ / ٩٩.
(٧) انظر البغوي ٦ / ٣١٢.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٢٠.
(٩) ذكره البغوي عن أبي هريرة. انظر البغوي ٦ / ٣١٢.
(١٠) في ب : إلا أنهم.
(١١) انظر البغوي ٦ / ٣١٢.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٢٠.
(١٣) السبعة (٤٨٧) ، الكشف ٢ / ١٦٧ ، النشر ٢ / ٣٣٩ ، الإتحاف (٣٤٠).
(١٤) المختصر (١١١) ، المحتسب ٢ / ١٤٥ ، البحر المحيط ٧ / ١٠٠.
(١٥) والحسن : سقط من ب.
(١٦) المختصر (١١١) ، البحر المحيط ٧ / ١٠٠.
(١٧) في ب : قوله تعالى.