وعلى هذا فيكون الأصل : وصيناه بحسن في بر والديه ، ثم جر «الوالدين» بالهاء فانتصب حسنا وكذلك البيتان. والباء في الآية والبيتين في هذه الحالة للظرفية (١).
الثالث : أن «بوالديه» هو المفعول الثاني ، فنصب «حسنا» بإضمار فعل ، أي يحسن حسنا ، فيكون مصدرا مؤكدا كذا قيل (٢).
وفيه نظر ، لأنّ عامل المؤكد لا يحذف (٣).
الرابع : أنه مفعول به على التضمين أي من ألزمناه حسنا (٤).
الخامس : أنه على إسقاط الخافض أي «بحسن» (٥).
وعبر صاحب التحرير (٦) عن ذلك بالقطع (٧).
السادس : أن (بعض) (٨) الكوفيين قدره ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه حسنا (٩). وفيه حذف «أن» وصلتها ، وإبقاء معمولها ، ولا يجوز عند البصريين (١٠).
السابع : أن التقدير : وصيناه بإيتاء والديه حسنا (١١). وفيه حذف المصدر وإبقاء معموله ولا يجوز (١٢).
الثامن : أنه منصوب انتصاب «زيدا» في قولك لمن رأيته متهيئا للضرب «زيدا» أي اضرب زيدا ، والتقدير هنا : أولهما حسنا ، أو افعل بهما حسنا. قالهما الزمخشري (١٣).
__________________
ـ لا تسأمي نهكا لها وضرّا |
|
والحيّ عمّيهم بشرّ طرّا |
وشاهده : «وصيت من برة» حيث عدى الفعل «وصى» إلى المفعول الثاني بالباء. ويروى : «أوصيت» وهو فرق لفظي لا معنوي. وانظر : الكامل للمبرد ٢ / ٩٤ ، ٩٥ تحقيق محمد أبو الفضل نهضة مصر ١٩٨١ م والمسائل العسكرية للفارسي ١٦٣ تحقيق د / محمد الشاطر ط المدني ١٤٠٣ ه / ١٩٨٢ م ، ومعاهد التنصيص للعباسي البهية ١٣١٦ ه (١ / ٩) والدر المصون (٤ / ٢٩٥).
(١) قاله أبو حيان في البحر بالمعنى والسمين في الدر باللفظ ٤ / ٢٩٥.
(٢) وهو رأي ابن عطية فيما نقله أبو حيان في البحر المرجع السابق.
(٣) قاله السمين في الدر ٤ / ٢٩٥.
(٤) قيل في المرجع السابق وقاله أيضا أبو البقاء في التبيان ١٠٢٩.
(٥) نقله أبو حيان في بحره ولم يعينه أي لم يعين من قال به. وانظر كذلك الدر المصون ٤ / ٢٩٥.
(٦) لعله التحرير والتخيير لأقوال أئمة التفسير في معاني كلام السميع البصير للشيخ العلامة جمال الدين أبي عبد الله محمد بن سليمان المعروف بابن النقيب المقدسي الحنفي المتوفى سنة ٦٩٨ ه وهو كبير في نيف وخمسين مجلدا ، انظر : كشف الظنون لحاجي خليفة ١ / ٣٠٨ دار العلوم الحديثة بيروت.
(٧) القرطبي ١٣ / ٣٢٧ ، ٣٢٨ وانظر : البحر المحيط أيضا المرجع السابق.
(٨) سقط من ب.
(٩) المرجعين السابقين.
(١٠) في الكتاب ١ / ٣٠٧. تحقيق هارون ، الخانجي أن حذف أن دون صلتها يجوز في الشعر للاضطرار ، يقول : «فحملوه على أن ، لأن الشعراء قد يستعملون أن ههنا مضطرين».
(١١) الكشاف ٣ / ١٩٧.
(١٢) قاله أبو حيان في البحر ٧ / ١٤٢.
(١٣) الكشاف ٣ / ١٩٧ ، ١٩٨.