وقال :
٤٠٥٦ ـ ما أطيب العيش لو أنّ الفتى حجر |
|
تنبو الحوادث عنه وهو ملموم (١) |
وقال :
٤٠٥٧ ـ ولو أنّ حيّا فائت الموت فإنّه |
|
أخو الحرب فوق القارح العدوان (٢) |
قال : وهو كثير في كلامهم (٣) ، قال شهاب الدين (٤) : وقد تقدم أن هذه الآية ونحوها يبطل ظاهر قول المتقدمين في «لو» أنها حرف امتناع لامتناع إذ يلزم محذور عظيم وهو أن ما بعدها إذا كان مثبتا (٥) لفظا فهو مثبت معنى وبالعكس ، وقوله : ما نفدت منفي لفظا فلو كان مثبتا معنى فسد (٦) المعنى ، فعليك بالالتفات إلى أول البقرة (٧). وقرأ عبد الله (٨) : «وبحر» (٩) بالتنكير وفيه وجهان معروفان (١٠) ، وسوغ الابتداء بالنكرة وقوعها بعد واو الحال وهو معدود من مسوغات الابتداء بالنكرة ، وأنشدوا :
٤٠٥٨ ـ سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا |
|
محيّاك أخفى ضوؤه كلّ شارق (١١) |
__________________
ـ الواقعة بعد «لو». وهذا رد من أبي حيان على الزمخشري انظر : البحر المحيط ٧ / ١٩١ وحاشية الأمير على المغني ١ / ٢١٤ ، والأشموني ٤ / ٤١ والمعاني الكبير لابن قتيبة ٩٢٧ والحيوان ٥ / ٢٤٠ و ٦ / ٤٣٠ والمغني ٢٧٠ والجنى الداني للمرادي ٢٨١ وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ٤٦٨ وتأويل مشكل القرآن له (٦) ، واللسان : «ز ن م» ، والدر المصون ٤ / ٣٤٧. أقول : وقد بنى الزمخشري رأيه السابق على معنى الشرط في «لو».
(١) البيت من بحر البسيط ، وقد نسب في المغني بحاشية الأمير لتميم بن مقبل ، وقوله : «تنبو الحوادث» تبتعد عنه مصائب الدهر ومشكلاته والشاعر يريد ويتمنى أن يكون الإنسان كالحجر لا يحسّ بمشاكل حوله ، والشاهد فيه كسابقه حيث وقع خبر «أنّ» اسما جامدا وهو قوله : «حجر» وأن هذه هي الواقعة بعد «لو» وقد روي البيت بالرواية العليا وما أطيب رواية أخرى انظر : ديوان تميم بن مقبل ٣٧٣ ، والبحر المحيط ٧ / ١٩١ ، والأشموني ٤ / ٤١ ، وابن يعيش ١ / ٨٧.
(٢) من الطويل وهو لصخر بن عمرو السّلميّ ، والقارح : الفرس الذي تمت أسنانه وذلك في الخامسة من عمره ، وأخو الحرب المراد به صاحب الحرب ، والعدوان : شديد العدو والشاعر يخبر أن كل فرد سيلقى ما قدر له ولا يهرب من مصيره هذا والشاهد فيه كسابقيه في : «فائت الموت» حيث وقع اسم فاعل خبر «أن» الواقعة بعد «لو».
انظر : الأصمعيات ١٤٧ والبحر المحيط ٧ / ١٩١ ، واللّسان (عدا) ٢٨٥٤ ، وابن الناظم ٢٧٨.
(٣) انظر : البحر المحيط لأبي حيان ١٩٠ و ١٩١.
(٤) الدر المصون ٤ / ٣٤٨.
(٥) الأصح كما في «ب» والدر المصون : (منفيّا).
(٦) في «ب» : لفسد بزيادة لام.
(٧) المرجع السابق.
(٨) يقصد به عبد الله بن مسعود وقد عرفت به.
(٩) قراءة شاذة غير متواترة ذكرها ابن جني في المحتسب ٢ / ١٦٩ وقرأ بها أيضا ابن مصرف وانظر : البحر المحيط ٧ / ١٩١.
(١٠) يقصد الوجهين السابقين في كلمة «البحر» المعرفة نفسها وهما وجها الرفع حيث يجوز في «بحر» العطف على محل أنّ واسمها ، أو الابتداء وما بعده خبر وهو «يمده».
(١١) البيت من الطويل وهو مجهول قائله والشاهد فيه : «ونجم قد أضاء» حيث سوّغ الابتداء بالنكرة ووجه ـ