قوله : «أخوهم» لأنه كان منهم ، من قول العرب : يا أخا بني تميم. يريدون يا (١) واحدا منهم(٢) ، فهو أخوهم في النسب لا في الدين (أَلا تَتَّقُونَ) أي : عقاب الله ، فحذف مفعول (تتّقون) (٣).
(إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) أي : على الوحي ، وكان مشهورا فيهم بالأمانة كمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في قريش ، فكأنه قال : كنت أمينا من قبل ، فكيف تتهمونني اليوم (٤)؟ ثم قال : (فَاتَّقُوا (٥) اللهَ) بطاعته وعبادته (وَأَطِيعُونِ) فيما أمرتكم به من الإيمان والتوحيد ، (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي (٦) : على ما أنا فيه من ادعاء الرسالة. لئلا يظن به أنه دعاهم رغبة في الدنيا ، ثم قال : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ). فإن قيل : فلماذا كرر الأمر بالتقوى؟ فالجواب : لأنه في الأول أراد : ألا تتقون (٧) مخالفتي ، وأنا رسول الله ، وفي الثاني : ألا تتقون (٧) مخالفتي ولست (٨) آخذا منكم أجرا ، فهو في المعنى مختلف ، ولا تكرار فيه ، وقد يقول الرجل لغيره : ألا تتقي الله في عقوقي وقد ربيتك صغيرا ، ألا تتقي الله وقد علمتك كبيرا. وإنما قدم الأمر بتقوى الله على الأمر بطاعته ، لأن تقوى الله (٩) علة لطاعته ، فقدم العلة على المعلول (١٠).
قوله : (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ) (وَاتَّبَعَكَ) جملة حالية من كاف «لك».
قال الزمخشري : والواو للحال ، وحقها أن يضمر بعدها (قد) (١١) وقرأ ابن مسعود وابن عباس وأبو حيوة : «وأتباعك» مرفوعا (١٢) جمع تابع «كصاحب وأصحاب» أو تبيع ك «شريف وأشراف» ، أو «تبع» ك (برم (١٣) وأبرام) (١٤) وفي رفعه وجهان :
أحدهما : أنه مبتدأ ، و «الأرذلون» خبره (١٥) ، والجملة حالية أيضا (١٦).
والثاني : أنه عطف على الضمير المرفوع في «نؤمن» ، وحسّن ذلك الفصل بالجار ، و «الأرذلون» صفته (١٧).
__________________
(١) يا : سقط من ب.
(٢) انظر الكشاف ٣ / ١٢٠.
(٣) انظر البحر المحيط ٧ / ٣٠.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٤.
(٥) في ب : واتقوا.
(٦) أي : سقط من ب.
(٧) في الأصل : ألا تتقوا.
(٨) في ب : وليست. وهو تحريف.
(٩) لفظ الجلالة : سقط من ب.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٥٤ ـ ١٥٥.
(١١) انظر الكشاف ٣ / ١٢٠.
(١٢) قال الفراء : (وذكر أن بعض القراء قرأ : «وأتباعك الأرذلون» ولكني لم أجده عن القراء المعروفين ، وهو وجه حسن) معاني القرآن ٢ / ٢٨١. وانظر المحتسب ٢ / ١٣١ ، تفسير ابن عطية ١١ / ١٣٢ ـ ١٣٣ ، البحر المحيط ٧ / ٣١ ، الإتحاف (٣٣٣).
(١٣) البرم : الذي لا يدخل مع القوم في الميسر ، والجمع أبرام ، وهو اللئيم. اللسان (برم).
(١٤) انظر البحر المحيط ٧ / ٣١.
(١٥) انظر المحتسب ٢ / ١٣٢ ، التبيان ٢ / ٩٩٨.
(١٦) انظر التبيان ٢ / ٩٩٨.
(١٧) انظر المحتسب ٢ / ١٣١ ، التبيان ٢ / ٩٩٨.