قوله : (لِعَمَلِكُمْ) كقوله : (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ)(١) [الأعراف : ٢١] وقد تقدم.
وقيل : (مِنَ الْقالِينَ) صفة (٢) لخبر محذوف ، هذا الجار متعلق به ، أي : إني قال (لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ)(٣). المبغضين. والقلى : البغض الشديد (٤) ، كأنه بغض يقلي الفؤاد والكبد(٥). وقوله : (مِنَ (٦) الْقالِينَ) أبلغ من أن يقول : إني لعملكم قال ، كما تقول : فلان من العلماء ، أبلغ من قولك : فلان عالم (٧).
ويجوز أن يراد : من الكاملين في قلاكم (٨). [والقالي : المبغض ، يقال : قلاه يقليه قلى ، ويقلاه ، وهي شاذة (٩) ، قال :
٣٩٢٠ ـ وترمينني بالطّرف أي أنت مذنب |
|
وتقلينني لكنّ إيّاك لا أقلي (١٠) |
وقال آخر :
٣٩٢١ ـ والله ما فارقتكم عن قلى لكم |
|
ولكنّ ما يقضى فسوف يكون (١١) |
واسم المفعول فيه : «مقليّ» والأصل : «مقلوى» فأدغم ك «مرميّ» قال :
٣٩٢٢ ـ ولست بمقليّ الخلال ولا قالي (١٢)
__________________
(١) [الأعراف : ٢١]. وذكر هناك : يجوز في «لكما» أن يتعلق بما بعده على أن (ال) معرفة لا موصولة ، وهي مذهب أبي عثمان المازني ، أو على أنها الموصولة ، ولكن تسومح في الظرف وعديله ما لا يتسامح في غيرها اتساعا فيهما لدورانهما في الكلام ، وهو رأي بعض البصريين ، أو أن ذلك جائز مطلقا ، وهو رأي الكوفيين ، أو أنه متعلق بمحذوف على البيان ، أي أعني لكما أو تعلق بمحذوف مدلول عليه بصلة (ال) ، أي: إني ناصح لكما ، ومثل هذه الآية الكريمة «إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ» ، وجعل ابن مالك ذلك مطردا في مسألة (ال) الموصولة إذا كانت مجرورة ب (من). انظر اللباب ٤ / ٢٠.
(٢) صفة : سقط من ب.
(٣) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٠.
(٤) الشديد : سقط من ب.
(٥) انظر الكشاف ٣ / ١٢٤ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٦١.
(٦) في ب : مثل. وهو تحريف.
(٧) قال الزمخشري : (لأنك تشهد له بكونه معدودا في زمرتهم ومعرفة مساهمته لهم في العلم) الكشاف ٣ / ١٢٤.
(٨) انظر الكشاف ٣ / ١٢٤ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٦١.
(٩) انظر اللسان (قلا) وفيه : (ويقلاه لغة طيىء).
(١٠) البيت من بحر الطويل ، مجهول القائل ، وهو في ابن يعيش ٨ / ١٤٠ ، المغني ١ / ٧٦ ، ٢ / ٤٠٠ ، ٤١٣ ، الهمع ٢ / ٧١ ، شرح شواهد المغني ١ / ٢٣٤ ، ٢ / ٨٢٨ ، الخزانة ١١ / ٢٢٥ ، الدرر ٢ / ٨٧.
ترمينني : تشيرين إليّ. الطرف : البصر. تقلينني ، يقال : قلاه يقليه قلى. ويقلاه لغة طيىء.
(١١) البيت من بحر الطويل. قاله الأفوه الأودي ، وليس في ديوانه ، وهو في المقاصد النحوية ٢ / ٣١٥ ، التصريح ١ / ٢٢٥ ، الهمع ١ / ١١٠ ، الأشموني ١ / ٢٢٥ ، ٢٨٤ ، الدرر ١ / ٨٠. والشاهد فيه قوله : «عن قلى» أي : عن بغض.
(١٢) عجز بيت من بحر الطويل ، قاله امرؤ القيس ، وصدره :
صرفت الهوى عنهنّ من خشية الرّدى
وهو في ديوانه (٣٥) ، القرطبي ١٣ / ١٣٣ ، البحر المحيط ٧ / ٣٦. والشاهد فيه قوله : (مقليّ) فإنه اسم ـ