التفسير
قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ).
بيان لقوله عزوجل : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) والمراد من الميتة كلّ حيوان مأكول اللحم فارقه الروح من غير سبب شرعي ، وفيه تفصيل يأتي في البحث الفقهي التعرّض له إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (وَالدَّمُ).
وهو المادّة المعروفة الّتي هي قوام حياة الحيوان ، والمراد منه المسفوح ؛ لقوله تعالى : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) ، الّذي كان أهل الجاهليّة يجعلونه في المباعر والأمعاء ، ويشوونه ويأكلونه ومنه الطحال ، لورود روايات متعدّدة تدلّ على حرمته.
وأمّا غير المسفوح كالكبد ، فهو مباح لدخوله في عموم المستثنى منه ، وكذا المتخلّف في الذبيحة ، فإنّه مباح وطاهر إن غسل موضع الذبح بملاقاة الدم الّذي في محلّ الذبح ، فإنّه من المسفوح وليس من المتخلّف. والتفضيل مذكور في كتب الفقه فراجع.
قوله تعالى : (وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ).
وإن جرى عليه عمل التذكية ، وإنّما خصّ عزوجل اللحم بالذكر مع أنّه حرام بجميع أجزائه الّتي تحلّ فيها الحياة وما لا تحلّ ، إمّا لأنّ أكل لحمه هو الشائع عند المستحلّين له ؛ أو لعدم إمكان الانتفاع من غيره ، وقد تقدّم في سورة البقرة ما يتعلّق به أيضا.
كما أنّه تعالى خصّه بالذكر دون الكلب وغيره من الحيوانات المحرّمة ؛ لاعتيادهم أكله دون غيره من السباع.
ومن ذلك يظهر وجه الضعف في ما قيل من اختصاص الحرمة باللحم فقط ، أخذا بظاهر الآية الشريفة ، فإنّ السياق يدلّ على أنّ غير اللحم أيضا حرام.