حياة الإنسان الفرديّة والاجتماعيّة ، ولها قاعدة عريضة تشمل جميع العقود والعهود ، والوفاء بها ، ممّا تدعو إليه الفطرة المستقيمة الّتي تبغي الكمال وتسعى الى الاستكمال.
ثمّ ذكر ثانيا ما يتعلّق بالمعاش ونظام الغذاء ، فأحلّ أكل لحم بهيمة الأنعام الّتي هي من أطيب المأكولات.
وأخيرا أمر بالتعاون على البرّ والتقوى ، اللذين هما أساس الرقي وأصل الأمن والاستقرار الفرديين والاجتماعيين ، وهما مهمّان لمن يريد الاستكمال بالكمالات الواقعيّة وتحلية النفس بمكارم الأخلاق وتخليتها عن الرذائل.
ولأهمّيّة هذه الأحكام والتوجيهات الربوبيّة ذكرها عزوجل في إطار أخلاقي محكّم ، وأكّد عليه بأشدّ التأكيدات ، فأمر بالتقوى ، وحرّم إحلال الشعائر ، وهتك حرمات الله تعالى واعتبره من أعظم الجرائم وأوعد على من يخالفها بالانتقام وشدّة العذاب.
وتبيّن الآيات المباركة أنّ الإسلام نظام دين ودنيا يكمل أحدهما الآخر ، ولا يمكن الاستغناء عنهما أبدا.
الثاني : انّما ذكر عزوجل العقود في قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ليشمل جميع الروابط الفرديّة والاجتماعيّة وجميع العهود والمعاملات ، وتعتبر هذه الجملة البليغة المختصرة أساس العقود في الإسلام والدليل على شرعيّتها ، إلّا إذا ورد من الشرع ما يدلّ على فساد عقد خاصّ ، كالعقود المبنيّة على الربا من بيع أو قرض ربوي.
وإطلاق الأمر في الآية الشريفة يدلّ على لزوم كلّ عقد ، فلا يجوز نقضها إلّا إذا دلّ دليل على جوازه كما هو مذكور في الكتب الفقهيّة ، فراجع كتابنا (مهذب الأحكام) ، وتعرّضنا لذلك موجزا في البحث الفقهي أيضا هنا.
الثالث : يدلّ قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) على أنّ وجوب الوفاء بها هو لأجل أنّها روابط اجتماعية وعهود وحقوق تجب رعايتها ، وأنّ احترامها يعتبر من مكارم الأخلاق ومن سبل الهداية الاجتماعيّة وإقامة العدل الاجتماعي ، ولم يلاحظ