والتأكيد على أنّ ما صدر منه من المعجزات إنّما كانت بإذنه جلّ شأنه ، كما في سورة آل عمران والمائدة وغيرهما من التعابير الدالّة على كونه فردا كسائر الأفراد ، كلّ ذلك لنفي ما يزعمه النصارى وما يعتقدونه فيه.
أصل عقيدة التثليث :
لا ريب أنّ الشرك وكلّ عقيدة تدلّ عليه ليس لها أصل ولا واقع في الأديان الإلهيّة المبنية على التوحيد ونبذ الأنداد ، وإذا ظهر شيء منها في دين إلهي أو أية عقيدة اخرى تتخذ التوحيد أساسا لها ، فلا بدّ أن يكون لأحد امور على سبيل منع الخلو :
منها : فقدان المعلم المرشد الّذي يمثّل التوحيد قولا وعملا ويبيّنه بيانا واضحا لا لبس فيه لا تباعه.
ومنها : احتكاك الامة مع الأمم الّتي تدين بالوثنيّة وتقليدهم فيها على عمى وجهالة.
ومنها : تأويل من لا خبرة له ولا معرفة لما ورد في الكتب الإلهيّة وقول الأنبياء بما يوافق التشريك ، فيكون مجالا خصبا لزيغ المبطلين وإفساد المفسدين.
ومنها : إدخال الأعداء الآراء الهدّامة في الدين ودسّ الأفكار المضلّة في معارفه وأحكامه ، فيكون سببا لاندراس اصول الدين وأركانه حتّى لا يبقى من الدين إلّا اسمه ولا من الكتاب إلّا رسمه ، ولكلّ واحد من هذه الأمور طرق وشعب متعدّدة لا يسع المجال ذكرها.
وعلى ضوء ما ذكرناه تعرف أنّ عقيدة التشريك في النصرانيّة والّتي هي دين إلهي ، لا تخرج عن سائر الأديان الإلهيّة الّتي تتّخذ التوحيد أصلا من أصولها ، بل أساس كلّ معتقد وفكرة فيها ، ليس لها أساس ولا واقع وإنّما دخلت فيها نتيجة امور وظروف معيّنة ، وقد حكى عزوجل في القرآن الكريم عن عيسى بن