ويسمى الدليل الدال على هذا الحكم الظاهرى اصلا واما ما دل على الحكم الاول علما او ظنا معتبرا فيختص باسم الدليل وقد يقيد بالاجتهادى كما ان الاول قد يسمى بالدليل مقيدا بالفقاهة وهذان القيدان اصطلاحان من الوحيد البهبهانى لمناسبة مذكورة فى تعريف الفقه والاجتهاد ثم ان الظن الغير المعتبر حكمه حكم الشك كما لا يخفى ومما ذكرنا من تأخر مرتبة الحكم الظاهرى عن الحكم الواقعى لاجل تقيد موضوعه بالشك فى الحكم الواقعى يظهر لك وجه تقديم الادلة على الاصول لان موضوع الاصول يرتفع بوجود الدليل فلا معارضة بينهما لا لعدم اتحاد الموضوع بل لارتفاع موضوع الاصل وهو الشك بوجود الدليل ألا ترى انه لا معارضة ولا تنافى بين كون حكم شرب التتن المشكوك حكمه هى الاباحة وبين كون حكم شرب التتن فى نفسه مع قطع النظر عن الشك فيه هى الحرمة فاذا علمنا بالثانى لكونه علميا والمفروض سلامته عن معارضة الاول خرج شرب التتن عن موضوع دليل الاول وهو كونه مشكوك الحكم لا عن حكمه حتى يلزم فيه تخصيص وطرح لظاهره.
(اقول) ان الدليل الدال على الحكم الظاهرى الغير الملحوظ فيه الكشف الظنى عن الواقع يسمى اصلا كالاصول العملية.
(واما الدليل الدال) على الحكم الواقعى الكاشف عنه علما كالخبر المتواتر او ظنا بحيث يكون الكشف الظنى ملحوظا فى اعتباره كما فى الظنون الخاصة فقد يسمى دليلا فقط.
(وقد يطلق) على الكاشف الظنى امارة ايضا وقد يختص الامارة بما يكون معتبرا من حيث الكشف الظنى فى الموضوعات الخارجية فعلى ما ذكر ان الاستصحاب اذا كان مبناه على الظن كما هو المشهور بين القدماء لا يكون اصلا.
(واما الفرق بين الامارات والاصول العملية) فان ما له جهة كشف وحكاية عن الواقع يسمى امارة سواء كانت معتبرة كخبر الثقة ولو فى الاحكام خاصة والبينة مطلقا ولو فى الموضوعات ام لم تكن معتبرة كخبر الفاسق او المجهول ونحوهما