(السادس) حكى عن بعض الاخباريين كلام لا يخلو ايراده عن فائدة وهو انه هل يجوز احد أن يقف عبد من عباد الله تعالى فيقال له بم كنت تعمل فى الاحكام الشرعية فيقول كنت أعمل بقول المعصوم واقتفى اثره وما يثبت من المعلوم فان اشتبه علىّ شىء عملت بالاحتياط أفيزل قدم هذا العبد عن الصراط ويقابل بالاهانة والاحباط فيؤمر به الى النار ويحرم مرافقة الابرار هيهات هيهات ان يكون أهل التسامح والتساهل فى الدين فى الجنة خالدين وأهل الاحتياط فى النار معذبين انتهى كلامه اقول لا يخفى على العوام فضلا عن غيرهم ان احدا لا يقول بحرمة الاحتياط ولا ينكر حسنه وانه سبيل النجاة واما الافتاء بوجوب الاحتياط فلا اشكال فى انه غير مطابق للاحتياط لاحتمال حرمته فان ثبت وجوب الافتاء فالامر يدور بين الوجوب والتحريم وإلّا فالاحتياط فى ترك الفتوى وحينئذ فيحكم الجاهل بما يحكم به عقله فان التفت الى قبح العقاب من غير بيان لم يكن عليه بأس بارتكاب المشتبه وان لم يلتفت اليه واحتمل العقاب كان مجبولا على الالتزام بتركه كمن احتمل ان فيما يريد سلوكه من الطريق سبعا وعلى كل تقدير فلا ينفع قول الاخباريين له ان العقل يحكم بوجوب الاحتياط من باب وجوب دفع الضرر المحتمل ولا قول الاصولى له ان العقل يحكم بنفى البأس مع الاشتباه وبالجملة فالمجتهدون لا ينكرون على العامل بالاحتياط والافتاء بوجوبه من الاخباريين نظير الافتاء بالبراءة من المجتهدين ولا متيقن من الامرين فى البين ومفاسد الالتزام بالاحتياط ليست بأقل من مفاسد ارتكاب المشتبه كما لا يخفى فما ذكره هذا الاخبارى من الانكار لم يعلم توجهه الى احد والله العالم وهو الحاكم.
(التنبيه السادس) فى نقل كلام لا يخلو ايراده عن فائدة وفى المحكى ان قائله هو السيد نعمة الله الجزائرى وهو انه هل يجوّز عاقل ان عبدا من عباد الله تعالى ان يعمل فى الاحكام الشرعية بقول المعصوم واقتفى أثره وان يحتاط فى المشتبهات بالاحتياط ان يزل قدم هذا العبد عن الصراط ويقابل بالاهانة والاحباط فيدخل النار