لا حرمة ظاهرا اصلا فان كان فى الواقع حراما استحق المؤاخذة عليه وإلّا فلا وليس معناها ان المشتبه حرام واقعا بل معناه انه ليس فيه إلّا الحرمة الواقعية على تقدير ثبوتها(فان القول) بالعقاب على تقدير ثبوت الحرمة الواقعية احد الاقوال للاخباريين على ما ذكره العلامة البهبهانى حيث قال بعد رد خبر التثليث المتقدم بانه لا يدل على الحظر ووجوب التوقف بل مقتضاه ان من ارتكب الشبهة واتفق كونه حراما فى الواقع يهلك لا مطلقا ويخطر ببالى ان من الاخبارى من يقول بهذا المعنى انتهى.
(ولعل هذا القائل) اى من قال بالحرمة الواقعية بالتفسير المذكور اعتمد فى ذلك على ما ذكر فيما تقدم من ان الامر العقلى والنقلى بالاحتياط للارشاد الى عدم الوقوع فى المفاسد الواقعية على تقدير وجودها واقعا فلا يترتب على موافقته ومخالفته سوى الخاصية المترتبة على الفعل او الترك نظير اوامر الطبيب ونظير الامر بالاشهاد عند المعاملة لئلا يقع التنازع.
(نعم) حمل الامر بالاحتياط للارشاد على مذهب القائل المذكور على وجه اللزوم كما فى بعض اوامر الطبيب لا للاولوية كما اختاره القائلون بالبراءة واما ما يترتب على نفس الاحتياط فليس إلّا التخلص من الهلاك المحتمل فى الفعل وهو العقاب مضافا الى ان فاعله يستحق المدح من حيث تركه لما يحتمل ان يكون تركه مطلوبا عند المولى ففى هذا الاحتياط نوع انقياد ويستحق عليه المدح والثواب واما فى تركه فليس فيه إلّا التجرى بارتكاب ما يحتمل ان يكون مبغوضا للمولى ولا دليل على حرمة التجرى على هذا الوجه اى فيما يحتمل الحرمة مع عدم ثبوتها فى الواقع بل قد عرفت فى مسئلة حجية القطع المناقشة فى حرمة التجرى بما هو اعظم من ذلك كأن يكون الشيء مقطوع الحرمة بالجهل المركب.
(قوله ولا يلزم من تسليم استحقاق الثواب الخ) اقول يمكن الفرق بينهما بان العقل حاكم مستقل باستحقاق العبد الثواب على الانقياد بفعل الاحتياط بخلاف الاتيان لما يحتمل حرمته فانه لا مقتضى لاستحقاق العقاب بترك الاحتياط