(واما العقل) فتقريره بوجهين احدهما انا نعلم قبل مراجعة لادلة الشرعية بمحرمات كثيرة يجب بمقتضى قوله تعالى (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ونحوه الخروج عن عهدة تركها على وجه لليقين بالاجتناب او اليقين بعدم العقاب لان الاشتغال اليقينى يستدعى البراءة اليقينية باتفاق المجتهدين والاخباريين وبعد مراجعة الادلة والعمل بها لا يقطع بالخروج عن جميع تلك المحرمات الواقعية فلا بد من اجتناب كل ما احتمل ان يكون منها اذا لم يكن هنا دليل شرعى يدل على حليته اذ مع هذا الدليل يقطع بعدم العقاب على تقدير حرمته واقعا (فان قلت) بعد مراجعة الادلة نعلم تفصيلا بحرمة امور كثيرة ولا نعلم اجمالا بوجود ما عداها فالاشتغال بما عدا المعلوم بالتفصيل غير متيقن حتى تجب الاحتياط وبعبارة اخرى العلم الاجمالى قبل الرجوع الى الادلة واما بعده فليس هنا علم اجمالى.
(اقول) الدليل الثالث الذى استدل به الاخبارى على وجوب الاحتياط فى الشبهات التحريمية هو حكم العقل وتقريره على ما افاده الشيخ قدسسره بوجهين (احدهما) العلم الاجمالى بثبوت محرمات فى الشريعة وهذا العلم الاجمالى حاصل لدى كل احد قبل مراجعة ادلة الاحكام ولا اشكال فى استقلال العقل بان الاشتغال اليقينى يستدعى البراءة اليقينية فلا بد من ترك كل ما يحتمل الحرمة ليحصل اليقين بالفراغ ولا يجوز الاكتفاء على ترك ما علم حرمته لان ذلك لا يوجب حصول العلم بالفراغ.
(نعم) يرد عليهم مضافا الى ما يأتى من انحلال العلم الاجمالى النقض بالشبهات الوجوبية والموضوعية فانا كما نعلم اجمالا قبل مراجعة الادلة الشرعية بمحرمات كثيرة يجب بمقتضى قوله تعالى (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الخروج عن عهدة تركها على وجه اليقين فكذلك نعلم اجمالا قبل مراجعة الادلة الشرعية بوجود واجبات كثيرة يجب بمقتضى قوله تعالى وما آتيكم الرسول فخذوه الخروج عن عهدة فعلها على وجه اليقين فان العلم الاجمالى لو كان مانعا عن الرجوع الى البراءة فى الشبهات الحكمية