ولو تنزلنا عن الاصل المذكور فالوقف كما عليه الشيخان قدسسرهما واحتج الشيخ على الحظر فى العدة بان الاقدام على ما لا يؤمن المفسدة فيه كالاقدام على ما يعلم المفسدة فيه بمعنى كما يحكم العقل بقبح ما فيه المفسدة كالكذب والظلم كذلك يحكم بقبح ما فيه احتمال المفسدة كشرب التتن مثلا.
(وقد جزم) السيد ابو المكارم فى الغنية بالقضية المذكورة اى بان الاقدام على ما لا يؤمن المفسدة فيه كالاقدام على ما يعلم المفسدة فيه وان قال باصالة الاباحة اعتمادا على قاعدة اللطف (قيل) انه لا تنافى بين الحكمين الصادرين عنه لان حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل انما هو فى موضوع احتمال الضرر ومع ملاحظة قاعدة اللطف لا يحتمل الضرر فتكون قاعدة اللطف واردة على الحكم المذكور رافعة لموضوعه.
(واما الجواب) عن هذا الوجه الثانى مضافا الى النقض ايضا بالشبهة الوجوبية لان احتمال وجود المضرة والمفسدة كما يوجد فى الشبهة التحريمية كذا يوجد فى الشبهة الوجوبية غاية الامر انه فى احدهما بالنسبة الى الفعل والآخر بالنسبة الى الترك والمنع عن كون الاصل فى الاشياء الحظر بل الاصل فيها الاباحة لعموم قوله تعالى (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) فحاصله انا سلمنا استقلال العقل بدفع الضرر المحتمل لكن نقول انه ان اريد من الضرر المحتمل العقاب الاخروى فيجب على الحكيم تعالى بيانه فهو مع عدم البيان مأمون وان اريد من الضرر المحتمل غير العقاب مما لا يدخل فى عنوان المؤاخذة من اللوازم المترتبة مع الجهل ايضا مثل كون شرب التتن موجبا للضعف والقسوة مثلا فوجوب دفعها غير لازم عقلا لان العقل لا يحكم بوجوب الاحتراز عن الضرر الدنيوى المقطوع اذا كان لبعض الدعاوى النفسانية كتحمل الشخص للتعب والمشقة فى المسافرة لداعى جلب المنفعة فى التجارة والحال ان الشارع قد امر بالضرر الدنيوى فى بعض الموارد كالجهاد ورد الحقوق المالية وغيرهما.
(وعلى تقدير استقلال العقل) بوجوب دفع الضرر المحتمل فليس مما يترتب عليه العقاب لكونه من باب الشبهة الموضوعية اذ المحرم هو مفهوم الاضرار