على سوق الآية لهذا المعنى المبنى على الحكمة مضافا الى شهادة كثير من الآيات المتحدة منها من حيث المساق كقوله تعالى فى سورة القصص (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) فان ظاهره كما هو ظاهر ان الحكمة الالهية اقتضت أن لا يكون الهلاك الا بعد البعث واتمام الحجة وان كلما وقع الهلاك فى امة من الامم كان بعد اتمام الحجة وان كان الهلاك الواقع فيهم من العذاب الدنيوى كلمات المفسرين فى تفسير الآية الى ان قال.
(فالانصاف) ظهور الآية فى المدعى فيقال فى تقريب دلالتها بناء على ما ذكرنا فى معناها انه كما يستدل بما دل على ثبوت العذاب على الفعل او الترك بالتحريم او الوجوب حيث انه من لوازمهما وآثارهما كذلك يستدل على نفى التحريم قبل البيان بنفى العذاب قبله بناء على كون المراد وصول البيان اليهم من الرسول لا مجرد بيانه وان لم يصل اليهم فتدل على المدعى انتهى كلامه رفع مقامه.
(قوله ثم انه ربما يورد التناقض الخ) اقول الجامع بين الاستدلال بالآية لاصل البراءة وردّ من استدل بها لعدم الملازمة بين حكم العقل والشرع هو الفاضل التونى والاستدلال بها لنفى الملازمة مبنىّ على جعل الرسول بمعناه الظاهر لا كناية عن البيان سواء كان بلسان العقل او النقل وعلى ان معنى الآية عدم وقوع التعذيب فى الآخرة بدون بيان الرسول وان حكم به العقل المستقل ايضا فتدل الآية على عدم حجية العقل اذ لو كان حجة لوقع التعذيب على مخالفته ولو فى الجملة كالاحكام النقلية(وقد رد) الفاضل التونى هذا الاستدلال بان مفاد الآية الشريفة نفى فعلية العذاب قبل بعث الرسول فلا ينافى ثبوت الاستحقاق بالنظر الى حكم العقل فى بعض الموارد قبله والملازمة بيّنة على الاستحقاق لا على الفعلية(قوله) بان نفى فعلية التعذيب اعمّ من نفى الاستحقاق بيان للرد.
(والمورد) للتناقض بينهما المحقق القمى قدسسره فى القوانين حاصله ان الاخبار بنفى التعذيب قبل بعث الرسول ان دلّ على عدم التكليف شرعا ولو فى مورد ثبوت حكم العقل فلا وجه (للثانى) اى الايراد فيصح التمسك بالآية على