(وقد صرح) الفقهاء فى باب المسافر بأن سلوك الطريق الذى يظن معه العطب معصية دون مطلق ما يحتمل فيه ذلك وكذا فى باب التيمم والافطار لم يرخصوا الّا مع ظن الضرر الموجب لحرمة العبادة دون الشك نعم ذكر قليل من متأخرى المتأخرين انسحاب حكم الافطار والتيمم مع الشك ايضا لكن لا من جهة حرمة ارتكاب مشكوك الضرر بل لدعوى تعلق الحكم فى الادلة بخوف الضرر الصادق مع الشك بل بعض افراد الوهم ايضا لكن الانصاف الزام العقل بدفع الضرر المشكوك فيه كالحكم بدفع الضرر المتيقن كما يعلم بالوجدان عند وجود مائع محتمل السمّية اذا فرض تساوى الاحتمالين من جميع الوجوه لكن حكم العقل بوجوب دفع الضرر المتيقن انما هو بملاحظة نفس الضرر الدنيوى من حيث هو كما يحكم بوجوب دفع الضرر الاخروى كذلك إلّا انه قد يتحد مع الضرر الدنيوى عنوان يترتب عليه نفع اخروى فلا يستقل العقل بوجوب دفعه ولذا لا ينكر العقل أمر الشارع بتسليم النفس للحدود والقصاص وتعريضها له فى الجهاد والاكراه على القتل أو على الارتداد وحينئذ فالضرر الدنيوى المقطوع يجوز أن يبيحه الشارع لمصلحة فإباحته للضرر المشكوك لمصلحة الترخيص على العباد أو لغيرها من المصالح اولى بالجواز فان قلت اذا فرضنا قيام امارة غير معتبرة على الحرمة فيظن الضرر فيجب دفعه مع انعقاد الاجماع على عدم الفرق بين الشك والظن الغير المعتبر قلنا الظن بالحرمة لا يستلزم الظن بالضرر اما الاخروى فلان المفروض عدم البيان فيقبح واما الدنيوى فلان الحرمة لا يلازم الضرر الدنيوى بل القطع بها ايضا لا يلازمه لاحتمال انحصار المفسدة فيما يتعلق بالامور الاخروية ولو فرض حصول الظن بالضرر الدنيوى فلا محيص عن التزام حرمته كسائر ما ظن فيه الضرر الدنيوى من الحركات والسكنات.
(اقول) ان الشك على ما ثبت فى محله لا يتصور فيه الطريقية ولا يمكن الالتزام بموضوعيته الّا فى موارد دلّ الدليل على موضوعيته فيها كما فى موارد الاصول واما الظن فتصور الطريقية والموضوعية فيه بمكان من الامكان إلّا ان تشخيص