(ولا يخفى) ان المثال الثالث لا يناسب المقام لانه من قبيل الاقل والاكثر الاستقلاليين فيرجع الشك بالنسبة الى الزائد الى الشك البدوى كالشك فى اشتغال الذمة بالدرهم او الدرهمين.
(قوله تحريم الجزم بوجوب احدهما الخ) يعنى يحرم البناء على وجوب احدهما لا بعينه دون كليهما فى الظاهر من جهة اصل البراءة ولكن المعروف عند الاصوليين هو البناء على وجوب الكل فى الظاهر فى مثل مسئلة الظهر والجمعة والقصر والاتمام لكونها من الشبهة المحصورة الوجوبية التى حكموا بوجوب الاتيان بالكل فيها لاجل قاعدة الاشتغال والاحتياط.
(قوله وقال المحدث البحرانى الخ) اقول قال فى المقدمة الثالثة من كتابه الحدائق اعلم ان البراءة الاصلية على قسمين احدهما انها عبارة عن نفى الوجوب فى فعل وجودى الى ان يثبت دليله بمعنى ان الاصل عدم الوجوب حتى يثبت دليله وهذا القسم مما لا خلاف ولا اشكال فى صحة الاستدلال به والعمل عليه اذ لم يذهب احد الى ان الاصل الوجوب لاستلزام ذلك تكليف ما لا يطاق وللاخبار الدالة على ان ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم والناس فى سعة ما لا يعلمون او رفع القلم عن تسعة اشياء وعد منها ما لا يعلمون.
(وثانيهما) انه عبارة عن نفى التحريم فى فعل وجودى الى ان يثبت دليله بمعنى ان الاصل الاباحة وعدم التحريم فى ذلك الفعل الى ان يثبت دليل تحريمه وهذه هى البراءة الاصلية التى وقع النزاع فيها نفيا واثباتا فالعامة كملا واكثر اصحابنا على القول بها والتمسك فى نفى الاحكام بها حتى طرحوا فى مقابلتها الاخبار الضعيفة باصطلاحهم بل الاخبار الموثقة كما لا يخفى على من طالع كتبهم الاستدلالية كالمسالك والمدارك ونحوهما فالاشياء عندهم اما حلال او حرام خاصة وجملة علمائنا المحدثين وطائفة من الاصوليين على وجوب التوقف والاحتياط فالاشياء عندهم مبنية على التثليث حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك انتهى محل