(ثم) انه ذكر السيد ابو المكارم قده فى الغنية ان التكليف بما لا طريق الى العلم به تكليف بما لا يطاق وتبعه بعض من تأخر عنه فاستدل به فى مسئلة البراءة والظاهر ان المراد به ما لا يطاق الامتثال به واتيانه بقصد الطاعة كما صرح به جماعة من الخاصة والعامة فى دليل اشتراط التكليف بالعلم وإلّا فنفس الفعل لا يصير مما لا يطاق بمجرد عدم العلم بالتكليف به (واحتمال) كون الغرض من التكليف مطلق صدور الفعل ولو مع عدم قصد الاطاعة او كون الغرض من التكليف مع الشك فيه اتيان الفعل لداعى حصول الانقياد بقصد الاتيان بمجرد احتمال كونه مطلوبا للآمر وهذا ممكن من الشاك وان لم يمكن من الغافل (مدفوع) بانه ان قام دليل على وجوب اتيان الشاك فى التكليف بالفعل لاحتمال المطلوبية اغنى ذلك من التكليف بنفس الفعل وإلّا لم ينفع التكليف المشكوك فى تحصيل الغرض المذكور (والحاصل) ان التكليف المجهول لا يصلح لكون الغرض منه الحمل على الفعل مطلقا وصدور الفعل من الفاعل احيانا لا لداعى التكليف لا يمكن ان يكون غرضا للتكليف.
(اقول) ان السيد قدسسره استدل فى الغنية للبراءة بان التكليف بما لا طريق الى العلم به تكليف بما لا يطاق وتبعه بعض من تأخر عنه كالمحقق فى المعارج والمحقق القمى فى القوانين وغيرهما فاستدل به فى مسئلة البراءة.
(والظاهر) ان المراد به كما استظهره الشيخ قدسسره هو الاتيان بالعمل على وجه الاطاعة والامتثال بحيث كان الامر هو الداعى الى اتيان العمل لا مجرد صدور العمل فى الخارج كيفما اتفق وإلّا فنفس الفعل لا يصير مما لا يطاق بمجرد عدم العلم بالتكليف به.
(وبيان ذلك) ان الغرض من الامر المولوى لما كان هو داعوية الامر ومحركيته لايجاد العمل ولو بتوسيط حكم العقل بلزوم الاطاعة فلا بد فى مقام توجيه التكليف من الحاجة الى ايصال الخطاب الى المكلف ليتمكن من اتيان المأمور به على وجه الاطاعة والامتثال.