(والمطلوب) فى الآن اللاحق هو القطع بعدم ترتب العقاب على الفعل او ما يستلزم ذلك اذ لو لم يقطع بالعدم واحتمل العقاب احتاج الى انضمام حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان اليه حتى يأمن العقل عن العقاب ومعه لا حاجة الى الاستصحاب وملاحظة الحالة السابقة ومن المعلوم ان المطلوب المذكور لا يترتب على المستصحبات المذكورة لان عدم استحقاق العقاب فى الآخرة ليس من اللوازم المجعولة الشرعية حتى يحكم به الشارع فى الظاهر واما الاذن والترخيص فى الفعل فهو وان كان امرا قابلا للجعل ويستلزم انتفاء العقاب واقعا إلّا ان الاذن الشرعى ليس لازما شرعيا للمستصحبات المذكورة بل هو من المقارنات حيث ان عدم المنع عن الفعل بعد العلم اجمالا بعدم خلوّ فعل المكلف عن احد الاحكام الخمسة لا ينفك عن كونه مرخصا فيه فهو نظير اثبات الوجود احد الضدين بنفى الآخر باصالة العدم.
(قيل) فى المقام لا يمكن اجتماع الاستصحاب والبراءة فى مورد واحد فان حجية الاستصحاب ان كانت من باب الظن فمؤداه الواقع ومؤدى البراءة هو الظاهر وان كانت من باب التعبد فمؤداه جعل الحكم السابق فى اللاحق ومؤدى البراءة عدم الوجوب ولا جعل للشارع فيها فهما متضادان وما يتخيل من ان عدم الوجوب يلزمه الاباحة وهى حكم شرعى ففاسد لمنع اللزوم اولا وبطلان الاصل المثبت ثانيا فتأمل.
(وربما) يتوهم من عبارة الشيخ قدسسره فى المقام وفى بحث الاستصحاب ان نظره فى منع التمسك بالاستصحاب فى المقام الى المنع عن جريان الاستصحاب فيما اذا كان المستصحب عدم الحكم مطلقا ولكن الامر ليس كذلك فان صريح بعض عباراته فى بحث الاستصحاب هو تسليم جريان استصحاب عدم الحكم فى الجملة وانما منع عن الاستدلال به فى المقام لخصوصية فيه.
(وفيه) ان الاستدلال على البراءة بالاستصحاب مبنى على اعتباره من باب الظن فيدخل اصل البراءة باعتبار الاستصحاب من باب الظن فى الامارات الدالة على الحكم الواقعى دون الاصول المثبتة للاحكام الظاهرية وسيأتى فى الاستصحاب