(احتج للقول الثانى) وهو وجوب الكف عما يحتمل الحرمة بالادلة الثلاثة فمن الكتاب طائفتان (إحداهما) ما دل على النهى عن القول بغير علم فان الحكم بترخيص الشارع لمحتمل الحرمة قول عليه بغير علم وافتراء حيث انه لم يؤذن فيه ولا يرد ذلك على اهل الاحتياط لانهم لا يحكمون بالحرمة وانما يتركون لاحتمال الحرمة وهذا بخلاف الارتكاب فانه لا يكون إلّا بعد الحكم بالرخصة والعمل على الاباحة (والاخرى) ما دل بظاهره على لزوم الاحتياط والاتقاء والتورع مثل ما ذكره الشهيد ره فى الذكرى فى خاتمة قضاء الفوائت للدلالة على مشروعية الاحتياط فى قضاء ما فعلت من الصلاة المحتملة للفساد وهى قوله تعالى (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) اقول ونحوهما فى الدلالة على وجوب الاحتياط فاتقوا الله ما استطعتم وقوله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) وقوله (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ).
(أقول) انه قد استدل الاخباريون للاحتياط فى الشبهة الحكمية التحريمية من جهة عدم النص بالادلة الثلاثة اما الكتاب فبآيات.
(منها) ما دل على النهى عن القول بغير علم لكونه افتراء عليه سبحانه كقوله عزوجل (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) وقوله سبحانه (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) بتقريب ان الحكم بالترخيص فى محتمل الحرمة قول بغير علم وافتراء عليه سبحانه.
(قوله ولا يرد ذلك على اهل الاحتياط الخ) فيه ما لا يخفى من ان دعواهم ليس مجرد الترك فى الشبهة التحريمية لاحتمال الحرمة بل انهم يحكمون بوجوب الاحتياط والمنع من الرجوع الى الاباحة وهو ايضا قول بغير علم فان قالوا ان الحكم بوجوب الاحتياط قول بعلم من جهة ادلة الاحتياط قلنا ان الحكم بالبراءة ايضا قول بعلم من جهة ادلة البراءة وهل هذا الا مثل قول الاخبارى بالبراءة فى الشبهة الوجوبية والموضوعية.