اخرى ان الريب والشك فى ايجاب الاحتياط انما يكون اذا لم يدل عليه قوله صلىاللهعليهوآله دع ما يريبك الخ او غيره من الادلة واما مع الدلالة عليه فيكون معلوما لا مشكوكا.
(التحقيق) عدم دلالة الاخبار الآمرة بالاحتياط على وجوب الاحتياط فى المقام لوجهين :
(الاول) ان حسن الاحتياط مما استقل به العقل وظاهر هذه الاخبار هو الارشاد الى هذا الحكم العقلى فيكون تابعا لما يرشد اليه وهو يختلف باختلاف الموارد ففى بعضها كان الاحتياط واجبا كما فى الشبهة قبل الفحص والمقرونة بالعلم الاجمالى وفى بعضها كان مستحبا كما فى الشبهة البدوية بعد الفحص وهى محل البحث فى المقام.
(الوجه الثانى) ان الاخبار الآمرة بالاحتياط باطلاقها تعم الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية الوجوبية مع ان الاحتياط فيها غير واجب قطعا فلا بد حينئذ من رفع اليد عن ظهورها فى الوجوب او الالتزام فيها بالتخصيص وحيث ان لسانها آب عن التخصيص كما ترى فتعيّن حملها على الاستحباب او على مطلق الرجحان الجامع بينه وبين الوجوب فلا يستفاد منها وجوب الاحتياط فى الشبهة البدوية بعد الفحص وهى محل الكلام.
(ثم) انه لو سلم دلالة اخبار التوقف او الاحتياط على وجوب الاحتياط فى الشبهة التحريمية فهى لا تعارض اخبار البراءة اذ بعد تماميّتها تتقدم على هذه الاخبار لكونها اخص منها فان اخبار البراءة لا تعم الشبهة قبل الفحص ولا المقرونة بالعلم الاجمالى اما فى نفسها او من جهة الاجماع وحكم العقل بل بعضها مختص بالشبهات التحريمية كقوله (ع) كل شىء مطلق حتى يرد فيه نهى بخلاف اخبار التوقف والاحتياط فانها شاملة لجميع الشبهات فيخصص بها.
(ثم) قيل ان هنا وجها آخر لتقديم اخبار البراءة على خصوص اخبار الاحتياط وهو ان اخبار البراءة كقوله (ع) كل شىء مطلق حتى يرد فيه نهى نص فى عدم وجوب الاحتياط واخبار الاحتياط على تقدير تمامية دلالتها ظاهرة فى وجوبه والجمع