(ومنها) قوله تعالى مخاطبا لنبيه صلىاللهعليهوآله ملقنا اياه طريق الرد على اليهود حيث حرموا بعض ما رزقهم الله افتراء عليه قل لا أجد فيما اوحى الىّ محرما على طاعم يطعمه إلّا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا فابطل تشريعهم بعدم وجدان ما حرموه فى جملة المحرمات التى اوحى الله اليه وعدم وجدانه صلىاللهعليهوآله ذلك فيما اوحى اليه وان كان دليلا قطعيا على عدم الوجود إلّا ان فى التعبير بعدم الوجدان دلالة على كفاية عدم الوجدان فى ابطال الحكم بالحرمة (لكن الانصاف) ان غاية الامر ان يكون فى العدول عن التعبير من عدم الوجود الى عدم الوجدان اشارة الى المطلب واما الدلالة فلا ولذا قال فى الوافية وفى الآية اشعار بأن اباحة الاشياء مركوزة فى العقل قبل الشرع مع انه لو سلّم دلالتها فغاية مدلولها كون عدم وجدان التحريم فيما صدر من الله تعالى من الاحكام يوجب عدم التحريم لا عدم وجدانه فيما بقى بايدينا من احكام الله تعالى بعد العلم باختفاء كثير منها عنا وسيأتى توضيح ذلك عند الاستدلال بالاجماع العملى على هذا المطلب.
(اقول) تقريب الاستدلال بالآية الشريفة على وجهين (احدهما) ما فى المتن من ان التعبير بعدم الوجدان فى مقام ابطال الحرمة الذى زعمه اليهود بالنسبة الى بعض ما رزقهم الله يدل على ان عدم الوجدان يكفى فى ابطال الحكم بالحرمة(وفيه) اولا انه مجرد اشعار فلا اعتماد عليه كما أشار الى ذلك قدسسره بقوله لكن الانصاف الخ.
(ثم) أيّد قوله بقول الوافية حيث قال صاحب الوافية وفى الآية اشعار بأن اباحة الاشياء مركوزة فى العقل قبل الشرع وثانيا انه حينئذ مؤكد لحكم العقل بأن عدم الوجدان يدل على عدم الوجود فهو من مؤيدات الدليل العقلى لا انه بنفسه مؤسس لحكم مستقلا فى عرض الدليل العقلى كما هو شأن الدليل الشرعى اذا ذكر منفردا عن الدليل العقلى.
(وثانيهما) ان شرب التتن وامثاله من المشتبهات لما لم يكن من افراد