(واعلم) ان هذا الدليل العقلى كبعض ما تقدم من الادلة النقلية معلق على عدم تمامية ادلة الاحتياط فلا يثبت به الا الاصل فى مسئلة البراءة ولا يعد من ادلتها بحيث يعارض اخبار الاحتياط وقد يستدل على البراءة بوجوه غير ناهضة منها استصحاب البراءة المتيقنة حال الصغر او الجنون وفيه ان الاستدلال به مبنى على اعتبار الاستصحاب من باب الظن فيدخل اصل البراءة بذلك فى الامارات الدالة على الحكم الواقعى دون الاصول المثبتة للاحكام الظاهرية وسيجىء عدم اعتبار الاستصحاب من باب الظن إن شاء الله تعالى واما لو قلنا باعتباره من باب الاخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك فلا ينفع فى المقام لان الثابت بها ترتب اللوازم المجعولة الشرعية على المستصحب والمستصحب هنا ليس إلا براءة الذمة من التكليف وعدم المنع من الفعل وعدم استحقاق العقاب عليه.
(اقول) ان الدليل العقلى كبعض ما تقدم من الادلة الثلاثة اى الآيات والروايات والاجماع معلق على عدم تمامية ادلة الاحتياط لان موضوع الدليل العقلى قبح العقاب بلا بيان ولو تمت ادلة الاحتياط تكون بيانا فلا يتم الاستدلال به فحينئذ لا يثبت بالدليل العقلى الا الاصل فى مسئلة البراءة ولا يعد من ادلتها بحيث يعارض اخبار الاحتياط بل اخبار الاحتياط لو تمت ترد على الدليل العقلى وترفع موضوعه.
(قوله وقد يستدل على البراءة بوجوه غير ناهضة) اقول انه قد تمسك بعضهم على البراءة فى المقام بادلة الاستصحاب الدالة على حرمة نقض اليقين بالشك فان حرمة شرب التتن قبل البلوغ لم يكن ثابتة يقينا وشك فى حدوثها بعده فمقتضى الاستصحاب هو البناء على بقاء عدم الحرمة بعد البلوغ (والمستدل) بهذا الوجه صاحب الفصول استنادا الى ان ادلة الاستصحاب عامة لا تختص بغير مورد البراءة بل يجرى فى موردها ايضا ثم قال ولا يخفى ان هذا الدليل اخص من المدعى إذ بين مورد الاستصحاب ومورد اصل البراءة عموم من وجه ثم ذكر المثال لمادتى الافتراق فراجع.