من المدينة (والركب) يعنى أبا سفيان واصحابه وهم العير اسفل منكم اى فى موضع اسفل منكم الى ساحل البحر ولو تواعدتم لاختلفتم فى الميعاد اى لو تواعدتم ايها المسلمون للاجتماع فى الموضع الذى اجتمعتم فيه لاختلفتم بما يعرض من العوائق والقواطع (ولكن ليقضى الله امرا كان مفعولا) اى ولكن قدر الله التقائكم وجمع بينكم وبينهم على غير ميعاد منكم ليقضى الله امرا كان كائنا لا محالة وهو اعزاز الدين واهله واذلال الشرك واهله (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة) اى فعل ذلك ليموت من مات منهم بعد قيام الحجة عليه قول وقيل ان البينة ما وعد الله من النصر للمؤمنين على الكافرين صار ذلك حجة على الناس فى صدق النبى (ص) فيما أتاهم به من عند الله انتهى
(قوله ويرد على الكل الخ) حاصل ما اورده قدسسره على جميع الآيات المذكورة ان مدلولها عدم المؤاخذة على الحكم المجهول لو فرض وجوده واقعا فحينئذ لا ينافى ورود الدليل العام على وجوب الاجتناب فى الحكم المشتبه ومعلوم ان القائل بوجوب الاحتياط لا يقول به الا عن دليل علمى وهو اخبار الاحتياط والآيات المذكورة بعد تسليم دلالتها على ما نحن فيه غير معارضة لذلك الدليل العام بل الآيات فى حكم الاصل بالنسبة الى الدليل.
(ولا يخفى عليك) ما فى كلامه قدسسره من المناقشة قد اوردها صاحب بحر الفوائد بيان ذلك ان المستفاد من اخبار الاحتياط مطابقة كاخبار التثليث او التزاما ثبوت المؤاخذة على النهى الواقعى المجهول على تقدير تسليم دلالتها على وجوب الاحتياط فى محل البحث فلا محالة تكون منافية للآيات المذكورة فكيف يجعل نسبتهما نسبة الاصل والدليل اللهم إلّا ان يكون المراد من الجهل الجهل بجميع مراتب النهى الواقعى حتى من حيث الظاهر كما يظهر من قوله بعد ذلك. والانصاف ما ذكرناه الخ فانه قرينة على مراده من هذه العبارة ايضا فان العلم بوجوب الاجتناب عن محتمل التحريم على بحرمته فى مرحلة الظاهر فليس مجهولا على الاطلاق إلّا ان هذا التوجيه ربما ينافى ظاهر ما افاده من اناطة الجعل بالحكم الواقعى مع ان ايجاب الاحتياط قد يمنع كونه موجبا للعلم بالنهى ولو فى مرحلة الظاهر انتهى كلامه.