(الرابع) من الادلة حكم العقل بقبح العقاب على شيء من دون بيان التكليف ويشهد له حكم العقلاء كافة بقبح مؤاخذة المولى عبده على فعل ما يعترف بعدم اعلامه اصلا بتحريمه (ودعوى) ان حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بيان عقلى فلا يقبح بعده المؤاخذة (مدفوعة) بان الحكم المذكور على تقدير ثبوته لا يكون بيانا للتكليف المجهول المعاقب عليه وانما هو بيان لقاعدة كلية ظاهرية وان لم يكن فى مورده تكليف فى الواقع فلو تمت عوقب على مخالفتها وان لم يكن تكليف فى الواقع لا على التكليف المحتمل على فرض وجوده فلا يصلح القاعدة لورودها على قاعدة القبح المذكورة بل قاعدة القبح واردة عليها لانها فرع احتمال الضرر اعنى العقاب ولا احتمال بعد حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان.
(اقول) من ادلة البراءة فى الشبهة التحريمية حكم العقل فان حكمه بالبراءة مما لا يكاد يخفى لاستقلاله بقبح العقاب بلا بيان واصل الى المكلف بعد اعمال العبد ما تقتضيه وظيفته من الفحص عن حكم الشبهة واليأس عن الظفر به فى مظان وجوده.
(ولا يكفى) فى صحة المؤاخذة واستحقاق العقوبة مجرد البيان الواقعى مع عدم وصوله الى المكلف فان وجود البيان الواقعى كعدمه غير قابل لان يكون باعثا ومحركا لارادة العبد ما لم يصل اليه ويكون له وجود علمى فكما ان الاسد الخارجى لا يوجب التحرز والفرار عنه الا بعد محرزية وجوده فكذلك الحرمة المجعولة من الشارع لا يترتب عليها الانزجار الا بعد وصولها وقبله لا اقتضاء للمحركية.
ويشهد لقبح العقاب بلا بيان حكم العقلاء كافة بقبح مؤاخذة المولى عبده على فعل ما يعترف بعدم اعلامه اصلا بتحريمه.
(ودعوى) انه يكفى فى البيان فى موارد احتمال الحرمة حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل فان الشك فى التكليف يلازم الشك فى الضرر والعقل يستقل بلزوم دفع الضرر المحتمل فيرتفع موضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.
(مدفوعة) بان هذه القاعدة اى قاعدة وجوب دفع الضرر على تقدير ثبوتها