(ومنها) قوله تعالى وما لكم ان لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرّم عليكم يعنى مع خلوّ ما فصل عن ذكر هذا الذى يجتنبونه ولعل هذه الآية اظهر من سابقتها لان السابقة دلت على انه لا يجوز الحكم بحرمة ما لم يوجد تحريمه فيما اوحى الى النبى صلىاللهعليهوآله وهذه تدل على انه لا يجوز التزام ترك الفعل مع عدم وجوده فيما فصل وان لم يحكم بحرمته فيبطل وجوب الاحتياط ايضا الّا ان دلالتها موهونة من جهة أخرى وهى ان ظاهر الموصول العموم فالتوبيخ على الالتزام بترك الشىء مع تفصيل جميع المحرمات الواقعية وعدم كون المتروك منها فلا ريب ان اللازم من ذلك العلم بعدم كون المتروك محرما واقعيا فالتوبيخ فى محله.
(اقول) كيفية دلالة الآية الشريفة على ما نحن فيه بلحاظ ان الله تعالى قد ذم المشركين على الالزام بترك ما لم يوجد فيما فصّل من المحرمات فتدل على اباحة ما لم يوجد تحريمه فيما فصل.
(ولعل هذه الآية اظهر من سابقتها) ان هذه الآية اظهر دلالة على ما نحن فيه من الآية السابقة لان غاية مفاد السابقة ان الشىء ما لم يوجد تحريمه فيما اوحى النبى صلىاللهعليهوآله لا يجوز الحكم بحرمته واما اثبات الاباحة فلا دلالة لها عليها بخلاف هذه الآية فانها تدل زائدا على عدم جواز الحكم بالحرمة على انه لا بد من الالتزام بالاباحة لان مفاد قوله تعالى (ما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا) انما هو الامر بالاكل وهو ينافى وجوب الاحتياط (لكن فيه) ان الآية تدل على اصالة الاباحة فى الذبائح والحيوانات والحال ان الغرض اثبات الاباحة فى تمام الاشياء المشتبه هذا.
(قوله ولا ريب ان اللازم من ذلك العلم بعدم كون المتروك الخ) يعنى ان دلالة الآية مخدوشة من جهة اخرى وهى ان الموصول فى قوله ما حرم عليكم مفيد للعموم فيدل على ان كل ما حرمه الله على عباده قد بين لهم بحيث لم يترك منه شىء مع انه لم يجد المتروك فيما فصل لهم من المحرمات الواقعية ولا ريب ان اللازم من ذلك فى هذا الفرض هو العلم بعدم كون المتروك محرما واقعيا