(وبالجملة) فلا ادرى وجها للفرق بين ما لا نص فيه وبين ما اجمل فيه النص سواء قلنا باعتبار هذا الاصل من باب حكم العقل او من باب الظن حتى لو جعل مناط الظن عموم البلوى فان عموم البلوى فيما نحن فيه يوجب الظن بعدم قرينة الوجوب مع الكلام المجمل المذكور وإلّا لنقل مع توفر الدواعى بخلاف الاستحباب لعدم توفر الدواعى على نقله ثم ان ما ذكرنا من حسن الاحتياط جار هنا والكلام فى استحبابه شرعا كما تقدم نعم الاخبار المتقدمة فيمن بلغه الثواب لا يجرى هنا لان الامر لو دار بين الوجوب والاباحة لم يدخل فى مواردها لان المفروض احتمال الاباحة فلا يعلم بلوغ الثواب وكذا لو دار بين الوجوب والكراهة ولو دار بين الوجوب والاستحباب لم يحتج اليها والله العالم.
(الحاصل) لا فرق فى جريان اصالة البراءة فى الشبهة الوجوبية الحكمية بين ما لا نص فيه وبين ما اجمل فيه النص سواء قلنا باعتبار هذا الاصل من باب حكم العقل او من باب الظن حتى لو جعل مناط الظن عموم البلوى فان عموم البلوى فيما نحن فيه يوجب الظن بعدم قرينة الوجوب مع الكلام المجمل المذكور وإلّا لنقل مع توفر الدواعى بخلاف الاستحباب لعدم توفر الدواعى على نقله مضافا الى التسامح فى ادلته كما تقدم البحث عنه فى البحث عن اخبار من بلغ بخلاف الاحكام الالزامية من الوجوب والحرمة فلا بد فى اثباتهما من الدليل المعتبر.
(ولا يخفى عليك) ان عدّ اصالة البراءة التى هى بمعنى الخلو والفراغ من مطلق التكليف المشكوك فيه من الادلة العقلية لعله بملاحظة مدركه فى وجه وهو ان العقل بملاحظة قبح التكليف بلا بيان وقبح العقاب من دون اقامة البرهان يحكم بخلو ذمة المكلف الشاك فى الحكم الواقعى بوصف كونه شاكا عن التكليف الالزامى المشكوك فيه من ايجاب او تحريم.
(ثم الفرق بين هذا الاصل واصالة الاباحة) على ما تعرّض له بعض المحققين