ويجوز أن يجعل الرجل حجته (١) أو عمرته أو بعض صلاته أو بعض طوافه لبعض أوله وهو ميت وينتفع به حتى أنه ليكون مسخوطا عليه فيغفر له ، ويكون مضيقا عليه فيوسع له (٢) ، ويعلم الميت بذلك ، ولو أن رجلا فعل ذلك عن ناصب
__________________
كالصدقة الجارية وبناء المساجد والعلم الذي ينتفع به الناس وما شابهها فلا كلام في أنها تكون من عمله وسعيه فمجزى بها بعد موته ، وقسم له دخل ما في تحققه وان لم يكن في ظاهر الامر من عمله كالوصية بأنواع الخير فهو أيضا يعد من سعيه ويشمله عموم « ما سعى » لأنه ان لم يوص لم يتحقق ، أو كالولد البر التقى الذي أدبه في أيام حياته فيدعو له بعد موته ويصلى ويصوم ويحج عنه فهو أيضا من كسبه كما جاء في النبوي صلىاللهعليهوآله « ان أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه ». وقسم لا دخل للميت في وقوعه على الظاهر كاستغفار المؤمنين له والأعمال الصالحة التي تهدى إليه مثوباتها فذاك اما مرتبط بسعيه في الدخول في زمرة المؤمنين وتكثير سوادهم و تأييد ايمانهم الذي من آثاره ما يأتون به من القربات والخيرات كما في قوله تعالى : « و الذي جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان » واما مرتبط باحسانه ومحبته إليهم في حياته فهو أيضا نتيجة احسانه ومحبته ويشمله عموم السعي أيضا.
وقسم لا يتصور للميت أي مدخل فيه كتبرع ذوي قرباه أو غيرهم له لا من جهة أنه من المؤمنين بل من أجل القرابة في النسب فحسب أو لمحبوبية التبرع عن الغير عند الشارع ورجحانه عند الله تعالى فهذا أيضا لا ينافي حكم الآية التشريعي لان لكل عمل عبادي ثوابا مقررا عند الله تعالى يصل إلى العامل جزاء لعمله وسعيه لا محالة تفضلا كان أو استحقاقا ، فحينئذ إذا أهدى العامل ثواب عمله إلى شخص عينه وسأل الله سبحانه حوالته وأعطى أجره من كان يريده فلا منافاة لان ذلك جزاء علم المحيل لا غيره. هذا من إفادات استاذنا المعظم السيد محمد كاظم الموسوي الگلبايگاني دام ظله العالي. هذا وراجع في تحقيق آخر للكلام ج ٢. ص ٤٦١.
(١) الظاهر أنه يفعل ذلك نيابة عن الميت ، ويحتمل أن يجعل للميت ثواب ما فعله سابقا. ( مراد )
(٢) السخط خلاف الرضا ، ولعل المراد بالضيق تضيق القبر وضغطته ، وبالتوسع توسعه ورفع الضغطة ، ويحتمل العموم. ( مراد )