ابن موسى بن بابويه القمي مصنف هذا الكتاب ـ قدس الله روحه ـ :
أما بعد فإنه لما ساقني القضاء إلى بلاد الغربة ، وحصلني القدر منها (١) بأرض بلخ من قصبة إيلاق (٢) وردها الشريف الدين أبو عبد الله المعروف بنعمة (٣) ـ وهو محمد بن الحسن بن إسحاق بن [ الحسن بن ] الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام فدام بمجالسته سروري وانشرح بذاكرته صدري وعظم بمودته تشرفي ، لأخلاق قد جمعها إلى شرفه من ستر وصلاح ، وسكينة ووقار وديانة وعفاف ، وتقوى وإخبات (٤) فذاكرني بكتاب صنفه محمد بن زكريا المتطبب الرازي (٥) وترجمه بكتاب « من لا يحضره الطبيب » وذكر أنه شاف في معناه ، وسألني أن أصنف له كتابا في الفقه والحلال والحرام ، والشرايع والأحكام ، موفيا على جميع ما صنفت في معناه وأترجمه بـ « كتاب من لا يحضره الفقيه » (٦) ليكون إليه مرجعه وعليه معتمده ، وبه أخذه ، ويشترك في أجره من ينظر فيه ، وينسخه ويعمل بمودعه ، هذا مع نسخه لأكثر ما صحبني من مصنفاتي (٧) وسماعه لها ، وروايتها عني ، ووقوفه على جملتها ، وهي مائتا كتاب وخمسة وأربعون كتابا.
فأجبته ـ أدام الله توفيقه ـ إلى ذلك لأني وجدته أهلا له ، وصنفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده ، ولم أقصد فيه قصد
__________________
(١) في بعض النسخ « بها » فالباء بمعنى « في ».
(٢) مدينة من بلا الشاش بما وراء النهر المتصلة ببلاد الترك ، أنزه بلاد الله وأحسنها.
(٣) له ترجمة ضافية في كتاب جامع الأنساب ج ١ ص ٥٠ من الفصل الثاني تأليف زميلنا الفاضل الشريف السيد محمد على الروضاتي المحترم.
(٤) أخبت الرجل اخباتا : خضع لله وخشع قلبه.
(٥) هو جالينوس العرب أصله من الري ، ولد سنة ٢٤٠ كما نقل عن قاموس الاعلام و ٢٨٢ كما عن غيره ، قدم بغداد وتعلم الطب بها وحذق وتوفى ٣١١ كما في الوفيات أو ٣٢٠ كما في تاريخ العلماء باخبار الحكماء للقفطي أو ٣٦٤ كما في المحكى عن تاريخ ابن شيراز ، واسم كتابه كما في مطرح الانظار لفيلسوف الدولة التبريزي : « كتاب إلى من لا يحضره طبيب ».
(٦) كذا. وعبر عنه ابن إدريس في السرائر في غير موضع بكتاب من لا يحضره فقيه.
(٧) يعنى وقع منه هذا السؤال مع أنه نسخ أكثر ما كان معي من مصنفاتي.