١٥٢٣ ـ وقال الصادق عليهالسلام : « نعم الريح الجنوب ، تكسر البرد عن المساكين وتلقيح الشجر وتسيل الأودية » (١).
١٥٢٤ ـ وقال علي عليهالسلام : « الرياح خمسا منها العقيم فنعوذ بالله من شرها ».
١٥٢٥ ـ و « كان النبي صلىاللهعليهوآله إذا هبت ريح صفراء أو حمراء أو سوداء تغير وجهه
__________________
من الجنة ، والجنوب لحرارتها من النار ، فصرف الإمام عليهالسلام ذهنهم عن التحقيق لهذا الغرض إذ ليس المقصود من بعث الأنبياء والرسل وانزال الكتب كشف الأمور الطبيعية ، ولو كان المقصود ذلك لبين ما يحتاج إليه الناس من أدوية الأمراض كالسل والسرطان وخواص المركبات والمواليد ، ولذكر في القرآن مكررا علة الكسوف والخسوف كما تكرر ذكر الزكاة والصلاة وتوحيد الله تعالى ورسالة الرسل ، ولو رد ذكر الحوت في الروايات متواترا كما ورد ذكر الإمامة والولاية والمعاد والجنة ، وكذلك ما يستقر عليه الأرض وما خلق منه الماء ، مع أنا لا نرى من أمثال ذلك شيئا في الكتاب والسنة المتواترة الا بعض أحاديث ضعيفة غير معتبرة أو بوجه يحتمل التحريف والسهو ، والمعهود في كل ما هو مهم في الشرع ويجب على الناس معرفته أن يصر الامام أو النبي عليهماالسلام على تثبيته وتسجيله وبيانه بطرق عديدة غير محتملة للتأويل حتى لا يغفل عنه أحد.
وبالجملة لما رأى الإمام عليهالسلام اعتناء الناس بالجهة الطبيعية صرفهم بان الواجب على الناظر في أمر الرياح والمتفكر فيها أن يعتنى بالجهة الإلهية وكيفية الاعتبار بها واتعاظ بما يترتب عليها من الخير والشر ، سواء كانت من الجنة أو من الشام أو من إفريقية واليمن ، فأول ما يجب : أن يعترف بأن جميع العوامل الطبيعية مسخرة بأمر الله تعالى ، وعلى كل شئ ملك موكل به وان الجسم الملكي تحت سيطرة المجرد الملكوتي المفارق عن الماديات كما ثبت في محله « أن المادة قائمة بالصورة والصورة قائمة بالعقل الفارق » وهذا أهم ما يدل عليه هذا الحديث الذي يلوح عليه أثر الصدق وصحة النسبة إلى المعصوم ، ثم بعد هذا الاعتراف يجب الاعتبار بما وقع من العذاب على الأمم السالفة بهذه الرياح وما يترتب من المنافع على جريانها وهذا هو الواجب على المسلم من جهة الدين إذا نظر إلى الأمور الطبيعية.
(١) سال الماء : جرى وأسال وسيل الماء تسييلا أجراء.