الصائدي الذي قال للحسين (ع) يوم عاشوراء : يا أبا عبدالله ، نفسي لنفسك الفداء! هؤلاء اقتربوا منك ، لا والله ، لا تُقتل حتّى اُقتل دونك ، وأحبّ أنْ ألقى الله وقد صلّيت هذه الصلاة معك. فرفع الحسين (ع) طرفه إلى السّماء ، وقال : «ذكرتَ الصلاة جعلك الله من المصلّين الذاكرين ، نعم هذا أوّل وقتها». ثمّ قال (ع) : «سلوهم أنْ يكفّوا عنّا حتّى نصلّي». ثمّ إنّ أبا ثمامة قال للحسين (ع) : يا أبا عبد الله ، إنّي قد هممت أنْ ألحق بأصحابي وكرهت أنْ اتخلّف وأراك وحيداً من أهلك قتيلاً. فقال له الحسين (ع) : «تقدّم فإنّا لاحقون بك عن ساعة». فتقدّم فقاتل حتّى اُثخن بالجراحات ، ولمْ يزل يقاتل حتّى قُتل. ومنهم : بُرير بن خضير الهمداني الذي جلس هو وعبد الرحمن بن عبد ربّه الأنصاري على باب الفسطاط الذي دخله الحسين (ع) يوم عاشوراء ليصلّي ، فجعل برير يضاحك عبد الرحمن ، فقال له عبد الرحمن : يا برير ، ما هذه ساعة باطل! فقال برير : لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً ؛ وإنّما أفعل ذلك استبشاراً بما نصير إليه ، فوالله ، ما هو إلاّ أنْ نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم بها ساعة ، ثمّ نعانق الحور العين :
فوارسُ اتخَذوا سُمرَ القنَا سَمَراً |
|
فكلَّما سجَعَتْ ورقُ القنَا طَربُوا |
يسْتنجِعُونَ الرَّدى شَوقاً لغايتِهِ |
|
كأنّما الضربُ في أفوهِها الضَرَبُ (١) |
واستأثَرُوا بالرَّدى منْ دونِ سيِّدهِمْ |
|
قصْداً وما كلُّ إيثارٍ به الأربُ |
_______________________
(١) الضرب : العسل وزناً ومعنىً.