قال شهاب الدين : أما ما ذكره ففيه نظر ، من حيث (١) إن التأنيث إما لفظي أو معنوي (٢) ، واللفظي (٣) لا يعتبر (في لحاق العلامة) (٤) البتة ، بدليل أنه لا يجوز (قامت ربعة وأنت تعني رجلا ، وكذلك) (٤) لا يجوز : قامت طلحة ، ولا حمزة ـ على مذكر ـ فتعين أن يكون اللحاق إنما هو للتأنيث المعنوي ، وإنما يعتبر لفظ التأنيث والتذكير في باب العدد على معنى خاص أيضا ، وهو أنا ننظر (٥) إلى ما عاملت العرب ذلك اللفظ به من تذكير أو تأنيث من غير نظر إلى مدلوله ، فهناك له هذا الاعتبار وتحقيقه هنا يخرجنا عن المقصود وإنما نبهتك على (٦) القدر المحتاج إليه.
وأما قوله : وأما النملة والقملة فلا يتميّز ، يعني لا يتوصّل لمعرفة الذكر منهما ولا الأنثى بخلاف الحمامة والشاة ، فإن الاطلاع على ذلك (٧) ممكن ، فهو أيضا ممنوع إذ (٨) قد يمكن الاطلاع على (ذلك ، وأن الاطلاع على ذكورية الحمامة والشاة أسهل من الاطلاع على) (٩) ذكورية النملة والقملة ، ومنعه أيضا أن يقال هو الشاة وهو الحمامة ممنوع (١٠).
وقرأ الحسن وطلحة ومعتمر (١١) بن سليمان : «النّمل» و «نملة» بضم الميم وفتح النون (١٢) بزنة (١٣) رجل وسمرة ، وسليمان التيمي (١٤) بضمتين فيهما (١٥) ، وتقدم أن ذلك لغات في الواحد والجمع. قوله : (لا يَحْطِمَنَّكُمْ) ، فيه وجهان :
أحدهما : أنه نهي.
والثاني : أنه جواب للأمر (١٦).
وإذا كان نهيا ففيه وجهان :
أحدهما : أنه نهي مستأنف لا تعلق له بما قبله من حيث الإعراب ، وإنما هو نهي للجنود في اللفظ ، وفي المعنى للنمل ، أي لا تكونوا بحيث يحطمونكم ، كقولهم : لا أرينّك ههنا (١٧).
__________________
(١) في ب : حين.
(٢) المقصود به الحقيقي.
(٣) في ب : فاللفظي.
(٤) ما بين القوسين سقط من ب.
(٥) في ب : أن نظر.
(٦) في ب : عن.
(٧) أي : على ذكورة وأنوثة.
(٨) إذ : تكملة ليست في المخطوط.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) الدر المصون ٥ / ١٨٢ ـ ١٨٣.
(١١) في النسختين : معمر. والصواب ما أثبته.
(١٢) المختصر (١٠٨) ، البحر المحيط ٧ / ٦١.
(١٣) في ب : بوزنة. وهو تحريف.
(١٤) هو سليمان بن قتة التيمي ، مولاهم البصري ، ثقة ، عرض على ابن عباس ، وعرض عليه عاصم الجحدري. طبقات القراء ١ / ٣١٤.
(١٥) المحتسب ٢ / ١٣٧ ، البحر المحيط ٧ / ٦١.
(١٦) وضعفه أبو البقاء لأن جواب الأمر لا يؤكد بالنون في الاختيار. التبيان ٢ / ١٠٠٦.
(١٧) انظر البحر المحيط ٧ / ٦١.