عطفوا على ذلك قولهم (١) : وأوتينا نحن العلم بالله وبقدرته على ما يشاء من قبل هذه المرأة مثل علمها ، وغرضهم من ذلك شكر الله تعالى في أن خصهم بمزيد التقدم في الإسلام ، قاله مجاهد (٢).
قوله : (وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ) في فاعل «صدّ» ثلاثة أوجه :
أحدها : ضمير الباري (٣).
والثاني : ضمير سليمان (٤) ، أي منعها ما كانت تعبد من دون الله ، وهو الشمس ، وعلى هذا ف (ما كانَتْ تَعْبُدُ) منصوب على إسقاط الخافض ، أي : وصدّها الله أو سليمان عما كانت تعبد من دون الله ، قاله الزمخشري (٥) مجوزا له. وفيه نظر من حيث إن حذف الجار ضرورة ، كقوله :
٣٩٦٥ ـ تمرّون الدّيار فلم تعوجوا (٦)
كذا قاله أبو حيان (٧) ، وقد تقدم آيات كثيرة من هذا النوع.
الثالث : أن الفاعل هو «ما كانت» أي : صدها ما كانت تعبد عن الإسلام (٨) ، (أي : صدها عبادة الشمس عن التوحيد) (٩). والظاهر أنّ الجملة من قوله : «وصدّها» معطوفة على قوله «وأوتينا» (١٠). وقيل : هي حال من قوله : أم تكون من الذين و (قد) مضمرة ، وهذا بعيد جدا (١١). وقيل : هو مستأنف إخبارا من الله تعالى بذلك (١٢).
__________________
(١) في ب : قوله.
(٢) انظر الكشاف ٣ / ١٤٤ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٩٩ ـ ٢٠٠ ، القرطبي ١٣ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٩٥ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٤٩ ، الكشاف ٣ / ١٤٥ ، البيان ٢ / ٢٢٢ ، التبيان ٢ / ١٠٠٩.
(٤) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٩٥ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٤٩ ، الكشاف ٣ / ١٤٥.
(٥) قال الزمخشري : (وقيل : وصدّها الله ، أو سليمان عما كانت تعبد بتقدير حذف الجار وإيصال الفعل) الكشاف ٣ / ١٤٥.
(٦) صدر بيت من بحر الوافر ، قاله جرير وعجزه :
كلامكم عليّ إذن حرام
وقد تقدم.
(٧) قال أبو حيان : (وكونه الله أو سليمان و (ما) مفعول (صدها) على إسقاط حرف الجر قاله الطبري ، وهو ضعيف لا يجوز إلا في ضرورة الشعر نحو قوله :
تمرّون الدّيار ولم تعوجوا
أي : عن الديار ، وليس من مواضع حذف حرف الجر). البحر المحيط ٧ / ٧٩.
(٨) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٩٥ ، مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٤٩ ، البيان ٢ / ٢٢٢ ، التبيان ٢ / ١٠٠٩.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) انظر البحر المحيط ٧ / ٧٩.
(١١) وضعّفه أبو حيان معلّلا بقوله : (لطول الفصل بينهما ، ولأن التقديم والتأخير لا يذهب إليه إلا عند الضرورة) البحر المحيط ٧ / ٧٩.
(١٢) المرجع السابق.