مرتين أو ثلاثا ، قيل : ولم ذاك يا رسول الله؟ قال : «تخرج منه الدابة ، فتصرخ ثلاث صرخات يسمعها من بين الخافقين» (١). وقال وهب : وجهها وجه الرجل ، وسائر خلقها خلق الطير فتخبر من رآها (٢) أن أهل مكة كانوا بمحمد والقرآن لا يوقنون (٣). قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) ، أي من كل قرن جماعة. و (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ) يجوز أن يكون متعلقا بالحشر ، و «من» لابتداء الغاية ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال من «فوجا» لأنه يجوز أن يكون صفة له في الأصل ، والفوج الجماعة كالقوم ، وقيدهم الراغب فقال : الجماعة المارة المسرعة (٤). وكأن هذا هو الأصل ثم انطلق ، ولم يكن مرور ولا إسراع ، والجمع : أفواج وفووج ، و (مِمَّنْ يُكَذِّبُ) صفة له ، و «من» في «من كلّ» تبعيضية ، وفي (مِمَّنْ يُكَذِّبُ) تبيينية (٥).
قوله : (فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا ثم يساقون إلى النار ، (حَتَّى إِذا جاؤُ)(٦) يوم القيامة ، قال لهم الله : (أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً) ولم تعرفوها حتى معرفتها. والواو في (وَلَمْ تُحِيطُوا) يجوز أن تكون العاطفة وأن تكون الحالية (٧) ، و «علما» تمييز. قوله : «أمّاذا» أم هنا منقطعة ، وتقدم حكمها ، و «ماذا» يجوز أن يكون برمته استفهاما منصوبا ب «تعملون» الواقع خبرا عن «كنتم» ، وأن تكون «ما» استفهامية مبتدأ ، و «ذا» موصول خبره ، والصلة : (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، وعائده محذوف ، أي : أي شيء الذي كنتم تعملونه (٨)؟ وقرأ أبو حيوة «أما» بتخفيف الميم ، جعل همزة الاستفهام داخلة على اسمه تأكيدا (٩) كقوله :
٣٩٧٢ ـ أهل رأونا بوادي القفّ ذي الأكم (١٠)
__________________
(١) أخرجه ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة. انظر البغوي ٦ / ٣٠٩ ، الدر المنثور ٥ / ١١٧.
(٢) في ب : وراها.
(٣) انظر البغوي ٦ / ٣٠٩.
(٤) المفردات في غريب القرآن ٣٨٦.
(٥) انظر الكشاف ٣ / ١٥٣.
(٦) في ب : إذا ما جاءوا.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ١٥٣.
(٨) انظر البحر المحيط ٧ / ٩٨ ـ ٩٩.
(٩) انظر البحر المحيط ٧ / ٩٩.
(١٠) عجز بيت من بحر الطويل ، قاله زيد الخيل ، وصدره :
سائل فوارس يربوع بشدّتنا
وهو في المقتضب ١ / ١٨٢ ، ٣ / ٢٩١ ، الخصائص ٢ / ٤٦٣ ، أمالي ابن الشجري ١ / ١٠٨ ، ٢ / ٣٣٤ ، ابن يعيش ٨ / ١٥٢ ، ١٥٣ ، المغني ٢ / ٣٥٢ ، شرح شواهده ٢ / ٧٧٢ ، الهمع ٢ / ٧٧ ، ١٣٣ ، الخزانة ١١ / ٢٦١ عرضا ، الأكم جمع أكمة وهي التل.
والشاهد فيه دخول همزة الاستفهام على «هل» التي للاستفهام لتأكيد معنى الاستفهام.