قال ابن مسعود : أفرس الناس ثلاثة : بنت شعيب ، (وصاحب يوسف) (١) ، وأبو بكر في (٢) عمر (٣).
فقال لها أبوها : وما علمك بقوته وأمانته؟ قالت : أما قوته ، فإنه رفع حجرا من رأس البئر لا يرفعه إلا عشرة ، وقيل : إلا أربعون ، وأمّا أمانته ، فإنه قال لي : امشي خلفي حتى لا تصف الريح بدنك (٤). قال شعيب عند ذلك : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ). قال أكثر المفسرين : إنه زوجه الصغيرة منهما ، وهي التي ذهبت لطلب موسى واسمها صفورة (٥). قوله : (أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى)(٦) روي عن أبي عمرو «أنكحك حدى» بحذف همزة «إحدى» (٧) ، وهذه تشبه قراءة ابن محيصن «فجاءته حداهما» ، وتقدم التشديد في نون «هاتين» في سورة النساء (٨).
قوله (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي) في محل نصب على الحال ، إما من الفاعل أو من المفعول ، أي : مشروطا على أو عليك ذلك (٩). و «تأجرني» مضارع أجرته ، كنت له أجيرا ، ومفعوله (١٠) الثاني محذوف ، أي : وتأجرني نفسك (١١) ، و (ثَمانِيَ حِجَجٍ) ظرف له (١٢). ونقل أبو حيان عن الزمخشري أنها هي المفعول الثاني (١٣). قال شهاب الدين : الزمخشري لم يجعلها مفعولا ثانيا على هذا الوجه ، وإنّما جعلها مفعولا ثانيا على وجه آخر ، وأما (١٤) على هذا الوجه فلم (١٥) يجعلها غير ظرف ، وهذا نصه ليتبين لك ، قال : «تأجرني» من أجرته إذا كنت له أجيرا ، كقولك (١٦) : أبوته إذا كنت له أبا ، و (ثَمانِيَ حِجَجٍ) ظرف (١٧) ، أو من أجرته (١٨) إذا أثبته ، ومنه تعزية رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «آجركم الله ورحمكم» (١٩) ، و (ثَمانِيَ حِجَجٍ) مفعول به ، ومعناه رعية ثماني حجج (٢٠). فنقل الشيخ (٢١) عنه الوجه الأول من المعنيين المذكورين في «تأجرني» فقط ، وحكى عنه أنه أعرب (ثَمانِيَ حِجَجٍ) مفعولا به ، وكيف يستقيم ذلك أو يتجه؟ وانظر إلى الزمخشري
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من ب.
(٢) في النسختين : و. والتصويب من الفخر الرازي.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٤٢.
(٤) انظر البغوي ٦ / ٣٣٣.
(٥) المرجع السابق.
(٦) في ب : إحدى ابنتي.
(٧) انظر المختصر (١١٢) ، البحر المحيط ٧ / ١١٥.
(٨) عند قوله تعالى :«وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما» من الآية (١٦).
(٩) انظر التبيان ٢ / ١٠١٩.
(١٠) في ب : ومفعول. وهو تحريف.
(١١) انظر البحر المحيط ٧ / ١١٥.
(١٢) انظر البيان ٢ / ٢٣١ ، التبيان ٢ / ١٠١٩.
(١٣) البحر المحيط ٧ / ١١٥.
(١٤) في الأصل : أما.
(١٥) في ب : فلا.
(١٦) في ب : كقوله.
(١٧) في الكشاف : ظرفه.
(١٨) في الكشاف : أو من أجرته كذا.
(١٩) انظر الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (١٢٦).
(٢٠) الكشاف ٣ / ١٧٣.
(٢١) في ب : النسخ. وهو تحريف.