القسم لا تدخله الفاء عند الجمهور (١). ويريد : بلغو القسم أن جوابه محذوف أي : وحقّ آياتنا (٢) لتغلبنّ (٣) ، ثم قال : (أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) أي : لكما ولأتباعكما الغلبة.
قوله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ) واضحات وقد تقدم كيفية إطلاق لفظ الآيات ـ وهو جمع ـ على العصا واليد في سورة طه. (قالُوا ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً) مختلق ، ثم ضموا إليه ما يدل على جهلهم ، وهو قولهم (ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) أي : ما حدّثنا بهذا الذي تدعونا إليه.
قوله : (وَقالَ مُوسى) هذه قراءة العامة بإثبات واو العطف ، وابن كثير حذفها (٤). وكل وافق مصحفه ، فإنها ثابتة في المصاحف غير مصحف مكة ؛ وإثباتها وحذفها واضحان ، وهو الذي يسميه أهل البيان : الوصل والفصل (٥). قوله (٦)(رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ) بالمحق من المبطل.
قوله : (وَمَنْ تَكُونُ) قرأ العامة «تكون» بالتأنيث ، و «له» خبرها ، و «عاقبة» اسمها ، ويجوز أن يكون اسمها ضمير القصة ، والتأنيث لأجل ذلك.
و (لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) جملة (٧) في موضع الخبر ، وقرىء (٨) بالياء من تحت (٩) على أن تكون «عاقبة» اسمها ، والتذكير (١٠) للفصل ، ولأنه تأنيث مجازي ، ويجوز أن يكون اسمها ضمير الشأن (١١) ، والجملة خبر كما تقدم (١٢) ، ويجوز أن تكون تامة وفيها ضمير يرجع إلى «من» والجملة في موضع الحال ، ويجوز أن تكون ناقصة واسمها ضمير «من» والجملة خبرها (١٣) ، والمعنى : (مِنْ) يكون (لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) أي : العاقبة (١٤) المحمودة في الدار الآخرة لقوله (١٥) تعالى (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ) [الرعد : ٢٢ ـ ٢٣] ، والمراد من الدار : الدّنيا. وعاقبتها (١٦) وعقباها أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان (١٧) ، (إِنَّهُ (١٨) لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ، أي : الكافرون.
__________________
(١) البحر المحيط ٧ / ١١٨.
(٢) في ب : وحقّ أنا كاننا. وهو تحريف.
(٣) انظر البحر المحيط ٧ / ١١٩.
(٤) السبعة (٤٩٤) ، الحجة لابن خالويه (٢٧٨) الكشف ٢ / ١٧٤ ، النشر ٢ / ٣٤١ ، الإتحاف (٣٤٣).
(٥) الوصل : عطف بعض الجمل على بعض ، والفصل : تركه. انظر الإيضاح (١٥١).
(٦) قوله : سقط من الأصل.
(٧) في ب : وجملة. وهو تحريف.
(٨) في الأصل : وهي.
(٩) قرأ بها حمزة والكسائي وخلف. السبعة (٤٩٤) ، الكشف ١ / ٤٥٣ ، النشر ٢ / ٣٤١ ، الإتحاف (٣٤٣).
(١٠) في ب : والتذكر. وهو تحريف.
(١١) في ب : البيان. وهو تحريف.
(١٢) في ب : كما تقدم والجملة خبر.
(١٣) انظر التبيان ٢ / ١٠٢١.
(١٤) في ب : العقبى.
(١٥) في ب : كقوله.
(١٦) وعاقبتها : سقط من ب.
(١٧) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٥١.
(١٨) إنه : سقط من ب.