والذي قاله من جهة العادة أقوى ، فأمّا من حيث الدلالة فلا فرق بين معجز ومعجزين (١).
قوله «عضدك» العامة على فتح العين وضم الضاد ، والحسن وزيد بن علي (بضمهما) (٢)(٣) وعن الحسن بضمة وسكون (٤) ، وعيسى بفتحهما (٥) ، وبعضهم بفتح العين وكسر الضاد (٦) ، وفيه لغة سادسة فتح (٧) العين وسكون الضاد (٨) ، وهذا كناية عن التقوية له (٩) بأخيه وكان هارون يومئذ بمصر.
قوله : (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) أي : حجّة وبرهانا (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما). فإن قيل : بيّن تعالى أن السلطان هو بالآيات فكيف لا يصلون إليهما لأجل الآيات ، أو ليس فرعون قد وصل إلى صلب السحرة؟ فإن كانت هذه الآيات ظاهرة فالجواب : أن الآية التي هي قلب العصا حيّة كما أنها معجزة فهي أيضا تمنع من وصول ضرر فرعون إلى موسى وهارون ، لأنهم علموا أنه (١٠) متى ألقاها صارت حية عظيمة ، وإن أراد إرسالها عليهم أهلكتهم زجرهم ذلك عن الإقدام عليها ، فصارت مانعة من الوصول إليهما بالقتل وغيره وصارت آية ومعجزة وجمعت بين الأمرين ، وأما صلب السّحرة (١١) ففيه خلاف ، فقيل : إنهم ما صلبوا ، وليس في القرآن ما يدل على ذلك ، وإن سلم فوصول الضرر لغيرهما لا يقدح في عدم الوصول إليهما (١٢).
قوله : (بِآياتِنا) يجوز فيه أوجه أن يتعلق ب «نجعل» أو ب «يصلون» أو بمحذوف ، أي : اذهبا ، أو على البيان فيتعلق بمحذوف أيضا ، أو ب «الغالبون» على أن (أل) (١٣) ليست موصولة أو موصولة ، واتّسع فيه ما لا يتسع في غيره ، أو قسم وجوابه متقدم ، وهو (فَلا يَصِلُونَ) ، أو من لغو القسم ، قالهما الزمخشري (١٤) ، ورد عليه أبو حيان بأن جواب
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٤٩.
(٢) المحتسب ٢ / ١٥٢ ، البحر المحيط ٧ / ١١٨.
(٣) ما بين القوسين في ب : بضمها. وهو تحريف.
(٤) انظر البحر المحيط ٧ / ١١٨.
(٥) المرجع السابق.
(٦) المرجع السابق.
(٧) في ب : بفتح.
(٨) قال أبو حيان : (ولا أعلم أحدا قرأ به) البحر المحيط ٧ / ١١٨ ، وقال ابن جني معقبا على قراءة الحسن بضمتين : (فيها خمس لغات : عضد ، وعضد ، وعضد ، وعضد وعضد ، وأفصحها وأعلاها عضد بوزن رجل) المحتسب ٢ / ١٥٢ ، وفي اللسان (عضد) : العضد والعضد والعضد والعضد من الإنسان وغيره : الساعد وهو ما بين المرفق إلى الكتف ، والكلام الأكثر العضد ، وحكى ثعلب : العضد بفتح العين والضاد.
(٩) له : سقط من ب.
(١٠) أنه : سقط من ب.
(١١) في ب : الشجرة. وهو تحريف.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٥٠.
(١٣) أل : سقط من ب.
(١٤) قال الزمخشري :(«بآياتنا» متعلق بنحو ما تعلق له «فِي تِسْعِ آياتٍ» أي : اذهبا بآياتنا ، أو ب «نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً» أي : أو ب «لا يصلون» أي : تمتنعون منهم بآياتنا ، أو هو بيان للغالبون لا صلة لامتناع تقديم الصلة على الموصول ، ولو تأخر لم يكن إلا صلة له ، ويجوز أن يكون قسما جواب ه «لا يصلون» مقدّما عليه ، أو من لغو القسم) الكشاف ٣ / ١٦٧.