من الشام (١) ، وقال رفاعة (٢) : نزلت في عشرة أنا أحدهم ، وصفهم الله فقال : (إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ) يعني : القرآن ، قالوا : (آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) ، وذلك أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، أي كنا من قبل القرآن مسلمين مخلصين لله التوحيد مؤمنين بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه نبي حق (٣).
قوله : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) منصوب على المصدر (٤) ، و (بِما صَبَرُوا) ما مصدرية (٥) والباء متعلق ب (٦) يؤتون (٧) (أو بنفس الأجر. ومعنى «مرّتين» أي : بإيمانهم بمحمد قيل بعثته (٨) ، وقيل : يؤتون أجرهم) (٩) مرتين لإيمانهم بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر (١٠) ، وقيل : لإيمانهم بالأنبياء الذين كانوا قبل محمد ـ عليهالسلام (١١) ـ ومرّة بإيمانهم بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم (١٢) ـ وقال مقاتل : لما آمنوا بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شتمهم المشركون ، فصفحوا عنهم فلهم (١٣) أجران ، أجر على الصفح وأجر على الإيمان (١٤) ، وقوله (بِما صَبَرُوا) أي على دينهم ، قال مجاهد : نزلت في قوم من أهل الكتاب أسلموا فأوذوا (١٥).
قوله : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي بالطاعة المعصية المتقدمة ، قال ابن عباس : يدفعون بشهادة أن لا إله إلا الله الشرك (١٦) ، وقال مقاتل (١٧) : يدفعون ما سمعوا من الأذى والشتم من المشركين بالصفح والعفو (١٨) ، وممّا رزقناهم ينفقون ، في الطاعة. قوله : وإذا سمعوا اللّغو وهو القبيح من القول أعرضوا عنه ، وذلك أن المشركين كانوا يسبّون مؤمني (١٩) أهل الكتاب ، ويقولون تبّا لكم تركتم دينكم فيعرضون عنهم ولا يردّون عليهم (٢٠) ، (وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) ، لنا ديننا ولكم دينكم ، (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) ، ليس المراد سلام التحية ولكنه سلام المتارك ، ومعناه : سلمتم منّا لا نعارضكم بالشتم والقبح ، ونظيره (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) [الفرقان : ٦٣]. ثم أكد ذلك تعالى بقوله حاكيا عنهم (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) ، أي : دين الجاهلين ، أي : لا نحب دينكم الذي
__________________
(١) انظر البغوي : ٦ / ٣٥٠.
(٢) هو رفاعة بن خديج ، صحب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعمه ظهير بن رافع وابنه أسيد بن ظهير قد رويا عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ المعارف لابن قتيبة (٣١٧).
(٣) انظر البغوي ٦ / ٣٥١.
(٤) انظر التبيان ٢ / ١٠٢٣.
(٥) ما : سقط من ب.
(٦) في ب : بنفس.
(٧) في ب : يؤتون أجرهم مرتين.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٦٢.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) انظر البغوي ٦ / ٣٥١.
(١١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٢) في ب : عليه الصلاة السلام ، وانظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٦٢.
(١٣) في ب : فلم.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٢٦٢.
(١٥) انظر البغوي ٦ / ٣٥١.
(١٦) المرجع السابق.
(١٧) في ب : وقال تعالى. وهو تحريف.
(١٨) انظر البغوي ٦ / ٣٥١.
(١٩) في ب : يسمعون موسى.
(٢٠) انظر البغوي ٦ / ٣٥٢.