من قوم موسى ـ عليهالسلام (١) ـ. واعلم أن في الكلام حذفا ، وهو أنه أسرى بهم كما أمره الله تعالى ، ثم إن قوم موسى قالوا لقوم فرعون : «إن لنا في هذه الليلة عيدا» ، ثم استعاروا منهم حليهم بهذا السبب ، ثم خرجوا بتلك (٢) الأموال في الليل إلى جانب البحر ، فلما سمع فرعون ذلك أرسل في المدائن حاشرين (٣) يحشرون الناس ، يعني الشّرط ليجمعوا السحرة (٤). وقيل : ليجمعوا له الجيش (٤) روي أنه كان له ألف مدينة واثنا عشر ألف قرية (٤). و «حاشرين» مفعول «أرسل» ثم إنه قوى نفسه ونفس (٥) قومه بأن وصف قوم موسى بالذم ، ووصف قوم نفسه بالمدح (٦) ، أما وصفه قوم موسى ـ عليهالسلام (٧) ـ بالذم ، فقال : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ) [معمول لقول مضمر (٨)](٩) أي : قال : إنّ هؤلاء ، وهذا القول يجوز أن يكون حالا ، أي : أرسلهم قائلا ذلك ، ويجوز أن يكون مفسرا ل «أرسل». والشّرذمة : الطائفة من الناس (١٠) وقيل : كل بقية من شيء خسيس يقال لها : شرذمة (١١). ويقال : ثوب شراذم ، أي : أخلاق ، قال :
٣٩٠٣ ـ جاء الشّتاء وقميصي أخلاق |
|
شراذم تضحك منه الخلاق (١٢) |
وأنشد أبو عبيدة :
٣٩٠٤ ـ في شراذم النعال (١٣)
وجمع الشرذمة : شراذم ، فذكرهم بالاسم الدال على القلة ، ثم جعلهم قليلا بالوصف ، ثم جمع القليل فجعل كل حزب منهم قليلا ، واختار جمع السلامة الذي هو جمع القلة.
__________________
(١) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٢) في ب : تلك.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٣٦ ـ ١٣٧.
(٤) انظر البغوي : ٦ / ٢١٥.
(٥) في الأصل : ونفسه. وهو تحريف.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٣٧.
(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٨) انظر الكشاف ٣ / ١١٥.
(٩) ما بين القوسين في ب : معمولا لقول مضمرا.
(١٠) الصحاح (شرذم) ٥ / ١٩٦٠.
(١١) انظر مجاز القرآن ٢ / ٨٦.
(١٢) رجز مجهول القائل ، وهو في معاني القرآن للفراء ١ / ٤٢٧ ، ٢ / ٨٧ ، تفسير ابن عطية ١١ / ١١١ ، القرطبي ١٣ / ١٠١ ، اللسان (توق ، خلق ، شرذم) ، البحر المحيط ٧ / ٣. الخزانة ١ / ٢٣٤. وروي (النواق) ، وهو الذي يروض الأمور ويصلحها. وروي (التواق) وهو ابن الشاعر. ويقال : نفس تواقة ، أي : مشتاقة. أخلاق : جمع خلق ، وهو البالي. ووصف المفرد بالجمع باعتبار أجزائه ، الشراذم : جمع شرذمة ، وهي الجماعة القليلة من الناس ، وثياب شراذم : أخلاق متقطعة ، وثوب شراذم : قطع ، وجمع في البيت ثم وصف باعتبار أجزاء الثوب التي يتألف منها. وهذا موطن الشاهد.
(١٣) قال أبو عبيده :(«إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ» أي : طائفة ، وكل قليلة فهي شرذمة قال :
يحذين في شراذم النعال
أي مقطع النعال وبقاياها) مجاز القرآن ٢ / ٨٦. وهذا الجزء من البيت مجهول القائل ، وهو في تفسير ابن عطية ١١ / ١١١ ، البحر المحيط ٧ / ٣.